القائمة الرئيسية

الصفحات


 عندما يخون الفن والإنسانية من أجل المال والسلطة


كتب .عمروبسيو

في عالم يغرق في صراعاته السياسية والاقتصادية، تظهر شخصيات تفرض سيطرتها بطرق ملتوية، مستغلة المال والنفوذ لإسكات الأصوات الحرة وإخضاع كل من يقف في طريقها. ومن بين هذه الشخصيات، يبرز ما يُطلق عليه "صبي الأمير"، الذي أصبح رمزًا للاستبداد الخفي، حيث يتحكم في مجالات الفن والرياضة والإعلام، ويجبر الجميع على الخضوع لإرادته، حتى لو كان الثمن هو التضحية بالمبدعين والشرفاء.


القصة بدأت مع الفنان محمد سلام، الذي قرر أن يعلن موقفًا إنسانيًا في لحظة تاريخية صعبة، حيث كانت الحرب الإسرائيلية على غزة تطحن أرواح الأبرياء وتحرق قلوب كل من يملك ذرة من إحساس. سلام، الذي كان يستعد لمشروع فني كبير في موسم الرياض، وجد نفسه عاجزًا عن المشاركة في مناسبة ترفيهية بينما الأطفال في غزة يُقتلون تحت القصف. فقرر الاعتذار، معبرًا عن ضيقه وألمه، لكنه لم يكن يعلم أن قراره هذا سيفتح عليه بابًا من النيران.


بدلًا من أن يقف المجتمع الفني بجانبه، بدأت حملة إقصاء وتهميش ضد محمد سلام. النقابة التي يفترض أن تحمي الفنانين، صمتت. أصدقاؤه من الفنانين والمنتجين، الذين يفترض أن يقفوا معه في لحظات الأزمات، تخاذلوا. بل والأسوأ، أن البعض انقلب عليه، ليس لأنه ارتكب خطأ، بل لأنه اختار أن يكون إنسانًا قبل أن يكون فنانًا. كل هذا من أجل إرضاء "صبي الأمير"، الذي يبدو أنه يملك مفاتيح اللعبة، ويستطيع أن يحرك الخيوط كما يشاء.


والأسوأ من ذلك، أن "صبي الأمير" ليس وحده في هذه اللعبة. هناك عشرات، بل مئات، من الخاضعين له، الذين يبيعون ضمائرهم من أجل كرسي أو منصب أو فرصة عمل. هؤلاء هم من يخلقون نظامًا فاسدًا، حيث الفن لم يعد تعبيرًا عن الإبداع والإنسانية، بل أداة للترفيه والتسلية، تُستخدم لإلهاء الجماهير عن قضاياها الحقيقية.


لكن في وسط هذا الظلام، يبقى هناك بصيص أمل. الشعب المصري الأصيل، الذي يحمل في جيناته تاريخًا من الكفاح والعزة، لن يخضع لهذا الصبي أو لغيره. الشعب الذي بنى الحضارات وواجه الطغاة عبر التاريخ، لن يقبل بأن يُسكت صوت فنان شريف مثل محمد سلام، أو أي مبدع آخر يرفض أن يكون أداة في يد النظام.


محمد سلام ليس مجرد فنان، بل هو رمز للكرامة والإنسانية في عالم يغرق في الماديات. وقوفه إلى جانب غزة، ورفضه المشاركة في مناسبة ترفيهية في لحظة ألم، هو درس لكل من ينسى أن الفن رسالة قبل أن يكون وسيلة للربح. وهو أيضًا تذكير بأن هناك من يرفض أن يخضع لـ"صبي الأمير" ونظامه الفاسد.


في النهاية، السؤال الأكبر هو: إلى متى سيستمر هذا الخضوع؟ إلى متى سيسمح الفنانون والإعلاميون والرياضيون لأنفسهم بأن يكونوا أدوات في يد من يملك المال والسلطة؟ الشعب المصري، بأصالته وكبريائه، لن يقبل بهذا الوضع إلى الأبد. فمصر ليست ملكًا لصبي أو أمير، بل هي أرض الحضارة والتاريخ، وسيأتي يوم يعود فيه الفنانون الأحرار ليحكموا المشهد، بعيدًا عن خضوع الضعفا

ء ونفوذ الاقوياء

تعليقات