بقلم د / هاني المصري
في ظل النزاعات والصراعات التي يشهدها العالم، يبرز جدل دائم حول الفرق بين المقاومة المشروعة والإرهاب المدان، حيث تختلط المفاهيم أحيانًا، إما بسبب التوظيف السياسي أو نتيجة غياب الوعي بالمحددات الأساسية لكل منهما. لذا، تهدف هذه الرؤية التحليلية إلى توضيح الفرق الجوهري بين المقاومة والإرهاب، استنادًا إلى المعايير القانونية والأخلاقية والواقع التاريخي.
أولًا: تعريف المقاومة والإرهاب
1. المقاومة
المقاومة هي استخدام الشعوب أو الجماعات لوسائل متعددة، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو مدنية، لمواجهة الاحتلال الأجنبي أو الاستبداد الداخلي بهدف استعادة الحقوق المشروعة.
الشرعية الدولية للمقاومة : وفقًا للقوانين الدولية، يحق للشعوب المحتلة أن تدافع عن نفسها وتقاوم الاحتلال بكل الوسائل المشروعة، كما نصت على ذلك المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ، واتفاقيات جنيف التي تعترف بحق الشعوب في مقاومة الاستعمار والاحتلال.
أشكال المقاومة : يمكن أن تكون سلمية مثل الاحتجاجات والمقاطعة الاقتصادية، أو مسلحة ضمن إطار الدفاع المشروع عن النفس ضد الاحتلال.
أمثلة على المقاومة المشروعة : نضال الشعوب ضد الاستعمار مثل الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، والمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
2. الإرهاب
الإرهاب هو استخدام العنف العشوائي أو استهداف المدنيين أو إثارة الرعب لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية. تعريف الإرهاب وفقًا للأمم المتحدة : أي عمل ينطوي على العنف ضد المدنيين بهدف تحقيق مكاسب سياسية أو دينية أو أيديولوجية. أمثلة على الإرهاب : التفجيرات العشوائية، الهجمات على الأماكن العامة، خطف المدنيين، والعمليات التي تستهدف الأبرياء لإثارة الفوضى والخوف.
أشكال الإرهاب : يشمل إرهاب الجماعات المسلحة، وإرهاب الدول الذي تمارسه بعض الأنظمة القمعية ضد شعوبها أو الشعوب الأخرى.
ثانيًا : الفوارق الجوهرية بين المقاومة والإرهاب ( بعيداً عن النفاق الدولي والسياسي وإزدواجية المعايير المسيطرة على مقاليد الامور في هذه الايام)
الهدف من المقاومة هو تحرير الأرض، الدفاع عن الحقوق، مواجهة الاحتلال أو الاستبداد.
أما الإرهاب هدفه إثارة الفوضى، فرض أيديولوجيات معينة، تحقيق مكاسب سياسية بالعنف.
شرعية المقاومة .. مدعومة بالقوانين الدولية والمواثيق الحقوقية.
أما الإرهاب فلا شرعية له ومدان دوليًا، وغير معترف به قانونيًا.
وعناصر المقاومة دائماً تستهدف الاحتلال وقواته العسكرية، وتتجنب المدنيين.
أما الإرهاب يستهدف المدنيين والأبرياء، دون تمييز.
المقاومة .. تعزز الوحدة الوطنية وتقوي الروح التحررية.
اما الإرهاب فإنه يؤدي إلى تدمير المجتمعات ونشر الخوف والكراهية.
إن المقاومة تحظى بدعم الشعوب الحرة، وقد تجد تأييدًا سياسيًا وقانونيًا. ولكن الإرهاب دائماً يواجه إدانة عالمية وعقوبات دولية.
ثالثًا : التلاعب بالمفاهيم والتوظيف السياسي
غالبًا ما يُستخدم مفهوم "الإرهاب" سياسيًا لتشويه نضال بعض الشعوب، حيث تسعى بعض القوى الكبرى إلى وصم المقاومة بالإرهاب لتبرير القمع والاحتلال. كما يحدث أحيانًا أن تلجأ بعض الجماعات إلى الخلط بين المقاومة والإرهاب عبر استهداف المدنيين، مما يضر بقضية المقاومة نفسها.
وختاماً
التمييز بين المقاومة المشروعة والإرهاب المدان هو ضرورة أخلاقية وقانونية، فالمقاومة حق تكفله الشرائع والقوانين الدولية، بينما الإرهاب فعل إجرامي يجب مكافحته. ولذا، يجب أن يكون هناك وعي مجتمعي وسياسي للتمييز بينهما، حتى لا يتم استغلال المفاهيم لخدمة أجندات معينة على حساب الحق والعدالة.
تعليقات
إرسال تعليق