القائمة الرئيسية

الصفحات

من سلسلة ليالي العودة

حلقة اليوم : القافلة الأخيرة

كان سامر رجلا منهكا من الحياة يسافر بلا هدف عبر الصحراء لا يدري إن كان هروبا أم بحثا عن شيء لم يكن يعرفه كل ما كان يشعر به هو ثقل روحه التي أرهقتها الذنوب والندم

في ليلة مقمرة بينما كان يسير بلا اتجاه لمح في الأفق أنوارا خافتة تقترب وحين اقترب أكثر اكتشف أنها قافلة مسافرين جمال تمشي ببطء ورجال يرتدون عباءات بيضاء ووجوههم تبدو كأنها خرجت من زمن آخر

تردد في الاقتراب لكنه كان متعبا وعطشانا فلوح له أحدهم بيده قائلا هل أنت ضائع أم أنك تبحث عنا كان الصوت هادئا لكنه حمل شيئا من المعرفة التي تخترق القلب دون استئذان
اقترب سامر أكثر وسألهم إلى أين تسير قافلتكم ابتسم رجل مسن كان يبدو قائدهم وقال نحن دائما في الطريق لكن لا أحد يصل معنا إلا من كان مستعدا

شعر سامر بغرابة الإجابة لكنه لم يسأل أكثر سار معهم في هدوء ولاحظ أن كل شخص في القافلة له طابع مختلف أحدهم كان شابا يحمل كتابا صغيرا يقرأ منه طوال الطريق وآخر كان يحمل ميزانا صغيرا يتفحصه بين الحين والآخر وامرأة عجوز تمسك مسبحة وتتمتم بكلمات لم يسمعها جيدا

في منتصف الليل توقفوا بجانب واحة صغيرة جلسوا حول النار وبدأ المسن يتحدث قال كل مسافر هنا يحمل معه عبرا إن كنت تريد أن تكمل معنا فعليك أن تتعلم منهم

أشار إلى الشاب الذي يحمل الكتاب وقال هذا هو العلم الذي أنزل على البشر لكنه لا ينفع إلا من قرأه بقلبه لا بعينيه ثم أشار إلى الرجل صاحب الميزان وقال وهذا هو العدل الذي إن غاب عن حياتك ضللت الطريق وأشار إلى العجوز وقال وهذه هي الذكرى فمن نسي الله نسي نفسه

ثم التفت إلى سامر وقال وأنت ماذا تحمل سكت سامر لم يكن يحمل شيئا سوى تعبه وهمومه فقال له الرجل إذن هذه ليست قافلتك بعد لكننا سنمر من هنا مرة أخرى إن كنت قد وجدت ما تبحث عنه

في الصباح اختفت القافلة تماما كأنها لم تكن لكن سامر كان يشعر أن روحه قد تغيرت لأول مرة منذ سنوات أحس أنه عرف الطريق وعرف أنه حين يكون مستعدا فإن القافلة ستعود من أجله

الكاتب : إدريس أبورزق

تعليقات