القائمة الرئيسية

الصفحات

نبيل أبوالياسين : مصر ترحب بتراجع التهجير وبوتين يراهن على ترامب :: بوابة الإخبارية نيوز










الإخبارية نيوز: 

الإستراتيجية الروسية في التعامل مع واشنطن والموقف المصري القوي المساند للقضية الفلسطينية 

في مشهدٍ يُجسد الإنهيار الأخلاقي للسياسة الأمريكية، يتراجع" ترامب" فجأةً عن تصريحاتة المُثيرة حول تهجيرِ غزة، وكأن دماء الفلسطينيين كُرةٌ يُلعبُ بها بين تيارات المصالح المتضاربة، هذا التخبُّطُ ليس سوىّ غيضٍ من فيضِ الفوضىّ التي تعيشُها "واشنطن"فبينما تُدارُ الدولةُ العظمىّ بـ"تويتات" عشوائيةٍ وتناقضاتٍ يومية، ويتحوَّلُ النظامُ العالمي إلى ساحةٍ لـ"تجارب فاشلة" تُدفعُ ثمنُها الشعوب الأضعف، فضلاًعن؛ أنه يعُد مظهراً تناقضاً يُضعف مصداقية "واشنطن" على الساحة الدولية،  وهذه الفوضىّ ليست مجرد أزمةٍ داخلية، بل تُصبحُ فرصةً ذهبيةً للرئيس الروسي" فلاديمير بوتين"، الذي يُحسنُ إستغلال التخبُّط الأمريكي لتحقيقِ مصالحه التوسعية، خاصةً في أوكرانيا والشرق الأوسط، وبينما تُعيدُ أمريكا ترتيب أولوياتها بشكلٍ عشوائي، تُسرعُ روسيا لملئ الفراغِ الجيوسياسي، مُستفيدةً من ضعف القيادة الأمريكية وتراجُعها عن مواقف كانت تُعتبر حجر أساسٍ في السياسة الخارجية، ولكن السؤال الأكبر يظلُّ: هل يُدرك العالم أن هذه الفوضىّ ليست مجرد صراعِ نفوذ، بل هي إختبارٌ لإنسانيةِ النظام الدولي الذي ينهارُ تحت وطأة المصالح الضيقة؟، وفي هذا المقال أناقش كيف تُحوّلُ "روسيا" تراجعات "ترامب" إلى فرصٍ إستراتيجية، بينما تُكافحُ أمريكا لإستعادة هيبتِها المفقودة في عالمٍ يبحثُ عن قيادةٍ أخلاقيةٍ تُعيدُ تعريفَ العدالة.



وفي هذا العالم التي تتصارعُ فيه الأقطابُ على أطلال السياسة الدولية، يبدو الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" وكأنه يُديرُ لعبةً شطرنجٍ جيوسياسيةٍ ببرودةِ دمٍ إستثنائية، مُراهنًا على توجُّه واشنطن الغامضِ نحوه، بينما يُقدِّم الرئيس الأمريكي" دونالد ترامب" مزيداً من التناقضات!،  فبعد تصريحاتٍ مُلتبسةٍ حول مصيرِ غزة، يتراجعُ اليومَ عن وعودِه، وكأنَّ دماءَ الفلسطينيين وقضيتَهم تُصبحُ ورقةً في أيدي لاعبيْنِ لا يهمهما سوى تحقيقِ مكاسبَ آنية، و"بوتين" الذي يرىّ في تراجعِ "ترامب" عن خطابِ التهجيرِ فرصةً لتعزيزِ نفوذِه بالشرق الأوسط، يُدركُ أنَّ الإنهيار الأخلاقيَّ للقوى العظمى يُتيحُ له حياكةَ تحالفاتٍ جديدةٍ على أنقاضِ المبادئ، ولكنَّ السؤالَ الذي يُلاحقُ الجميع: هل تُصبحُ غزةُ ساحةً لصفقةٍ روسية أمريكيةٍ جديدة، أم أنَّ العالمَ سيشهدُ صحوةً تُعيدُ للقانونِ الدولي هيبتَه قبل فوات الأوان؟، وهذا المشهدُ المُعقَّدُ ليس مجردَ صراعِ نفوذ، بل هو إختبارٌ لإنسانية النظام العالمي الذي ينهارُ تحت وطأةِ المصالحِ والغطرسة،  فهل نسمحُ للتاريخِ أن يُكرر جرائمَه، أم نُوقظُ الضمير قبل أن تختفي آخرُ بصمةٍ للعدالة؟.

 


ويطلب "بوتين" من أوكرانيا سحب قواتها من منطقة "كورسك" "دون قتال"، بينما تظلُّ قواتُه مرابضةً في الأراضي الأوكرانية المحتلة!، وهذه المُفارقةُ ليست سوىّ جزءاً من إستراتيجيتة الماكرة وخلقُ وهمِ "التنازل السلمي" بينما تُحكَمُ الخناقُ على أوكرانيا قطعةً قطعة، ولكنَّ الأكثر إثارةً للقلق هو رهانُه على السذاجة السياسية لترامب، الذي سبق أن أبدى إعجاباً صارخاً بالذكاء  الروسي، بل ووصفه بـ"العبقري"! ، وهل يعتقد بوتين أنَّ إنحياز "ترامب" الأعمىّ لروسيا سيسمحُ له بتحويلِ الإحتلال إلى واقعٍ دائم؟، أم أنَّ العالم أصبح مُجبراً على مشاهدةِ مسرحيةٍ يختلطُ فيها الدمُ بالأكاذيب، بينما تُدفنُ حقوقُ الشعوب تحتَ عباءةِ الصفقات السرية؟، والتاريخُ سيسجل، وهذه ليست لعبةَ قوىّ عظمىّ بل هي "محوٌ متعمدٌ لمعنى العدالة"، كما شاهدناه مؤخراً من "ترامب" الذي تراجع عن تصريحاته بشأن غزة وعودٌ بلا ضماناتٍ لها، وهل تُنقذُها "جهود" واشنطن أم تُكرسُ التهجير؟.



• التخبط في السياسية والتراجع عن التصريحات 

ترامب، الذي حوَّل السياسة إلى مسرحيةٍ من الوعود الكاذبة والإنقلاباتِ الخطابية الغير متزنه، يُعلّمُ العالم درساً قاسياً  أن المبادئ الدوليةَ تُباعُ في سوقِ النفاق السياسي، وأنَّ "الحلولَ" التي تَعدُ بها أمريكا قد تكونُ مجرد فخاخٍ جديدةٍ لشرعنة الإحتلال، والسؤال الذي يُطرح الآن: هل إنهارت هيبة القطب العالمي إلى الأبد؟، أم أن هذه الفوضىّ هي مقدمة لولادة نظامٍ دولي جديدٍ ترفضُ الشعوبُ فيه أن تكون ضحيةً لعبثِ الساسة وإنعدامِ الرؤية؟، والواضحُ أن أمريكا، تحت حكمِ "ترامب" تُشبهُ سفينةً بلا دفةٍ في عاصفةٍ، ولكن الغرقى الحقيقيين ليسوا في البيتِ الأبيض، بل في غزة المُحاصرة، حيثُ يُدفنُ الأملُ تحت أنقاض الوعود المُختفية، وتراجع "ترامب" عن تصريحات تهجير غزة لم يأت من فراغ، بل هو إنعكاس لـ "صمودٍ عربيٍ جامح" رفض أن يكون الفلسطينيون وقوداً لمشاريع التطهير العرقي، فمن تصريحاتِ القادة العربِ المنددة بالتهجير، إلى الضغطِ الشعبيِ الذي حوَّل الشوارع إلى منصاتٍ للغضب الدولي، وأثبت العربُ أن "الرفضَ" قد يكونُ أقوىّ من كل تهديداتِ القوة الناعمة الأمريكية حتى" ترامب"، الذي إعتاد لعب ورقة "الصفعة الدبلوماسية"، وجد نفسَه مضطرًّا للتراجعِ حين إصطدمَ بـ "جدارِ الكرامة العربية" الذي لا يُهدم.  












ولكن السؤال الذي يظل معلقاً؛ هل يُدرك "ترامب" أن صمود غزةَ ليس مجرد مقاومةٍ عسكرية، بل هو إرثٌ ثقافيٌّ وحضاريٌّ ترفض أمتُه الإنكسار؟، أم أن تراجُعَه مؤقتٌ حتى تهدأ العاصفة، ليعود من جديدٍ بألعابِه السياسية؟، والتاريخُ يقول: إن الشعوب التي تُقاتل بهويتِها لا تُهزم، وغزة خيرُ شاهدٍ على ذلك، وأن صمود غزة ليس مجرد بطولةٍ تحت القصف، بل هو"رسالةٌ عالمية" بأن إرادة الحياةِ تُهزمُ أدوات الموت،  والتصدي العربي الواضح، من القممِ الرسميةِ إلى الغضبِ الشعبي، كان الصوت الذي أرغم "ترامب" على التراجعِ عن سيناريو التهجير،  فالعالمُ رأى كيف تحوَّلت تصريحات واشنطنِ من تهديداتٍ إلى تراجعاتٍ حين واجهت جداراً عربياً واحداً يقول: "لا مساومة على الدم الفلسطيني"، ولكن التحدي الحقيقي يبدأ الآن: هل ستستمر الدول العربية في هذا النهجِ، أم ستعود الإنقسامات والتبعية لتُفرغ الصمود من مضمونه؟، والتاريخُ لن يرحم مَن يتخاذلُ اليوم، فـ"غزة" لم تنتصر إلا لأنَّها لم تكن وحدَها، وإذا أردنا كسر حلقة الهزائم، فلا بد أن نُحوِّل هذه اللحظةَ إلى "محرك دائمٍ للوحدة"، حيثُ تُصانُ الكرامةُ ليس بالخطابات، بل بمواقف تُحاصِرُ الإحتلال وتُعزِّلُ كل مَن يتآمرُ على الأرض والإنسان.  


• الكرامة تصنع لا تورث

والرسالةُ إلى الجميع حكومات وشعوب "الكرامةُ لا تُورَّث"، بل تُصنع يوماً بيوم، فإمَّا أن نكون جميعاً جدار الأمةِ، أو نسجل أنفسنا في ذيلِ التاريخ ، وغزة تقولُ لنا جميعاً "النصر يبدأ حين نتوقف عن الخوف أو الضعف أمام  هيمنة وغطرسة الولايات المتحدة الأمريكية"، ورحبت جمهورية مصر العربية بموقف "ترامب" الذي تراجع مجبراً عن تصريحاتة بشأن تهجير الفلسطينيين من عزة بكرامةً  وعزة ورأس  مرفوعةً عنان السماء، وجاء ترحّيب مصر بتراجُع "الرئيس الأمريكي" المُجبر عن تصريحاتِة المُستفزّة بتهجير الفلسطينيين من غزة، ليس كَنصرٍ لخطابِ القوةِ الأمريكي، بل كـ"إثباتٍ صارخٍ" أن إرادة الشعوبِ وصمودَها قادرةٌ على كسرِ غطرسة الساسة، وهذا التراجُع الترامبي، الذي جاءَ تحت وطأةِ الضغطِ العربي والدولي، يُبرزُ دور مصر كحصنٍ إستراتيجيٍ دافعٍ عن الحقوقِ الفلسطينية، ورافضٍ لأي مسٍّ بسيادةِ الأشقاء الفلسطينيين على أرضِهم. فالقاهرة كُتب فيها التاريخ، والتي ظلّت تُحذّرُ من مخاطر التهجير كخطرٍ وجودي، تُعيدُ اليوم تذكير العالمِ بأن غزة ليست أرضًا بلا أصحاب، بل هي "قلعةُ الكرامةِ" التي لا تُقاسُ بأسعار الصفقات.



ولكن التحدي الأكبر يبقى: فهل يتحوّلُ هذا الترحيبُ المصري إلى دافعٍ لتعزيز الوحدةِ العربيةِ ضدَّ كلِّ محاولات التفكيك؟، أم سيبقى مجرد ردّ فعل لحظةٍ عابرة؟، فـ"مصر" برصيدِها التاريخي، تقولُ للعالم "التهجير جريمة لن تمر، وغزةُ باقيةٌ لأن الحق لا يُهزم، واليوم بينما تُشكل غزة رمزاً للصمود والكرامة، على الأمةِ العربية أن تختارإما أن تكون جداراً منيعاً يحمي الحقوق الفلسطينية من التآمر الدولي، أو أن تظلَّ أسيرة الإنقسامات التي تُسهّلُ على الأعداء تنفيذ مخططاتِهم، فكما وقفت مصرعزيزة  وصامده في وجه التهجير، يجبُ أن تقف كل الأمة وتساند مصر خلف غزة، ليس بالكلام فقط بل بمواقف تُعيدُ للعرب هيبتَهم وتُثبتُ أن الوحدة ليستْ شعاراً، بل هي "سلاح لا يُقهر"، والرسالةُ واضحة غزة لن تسقط ما دامت هناك قلوب تُناضلُ من أجلِها، فلتكن هذه اللحظةُ بدايةً لعهدٍ جديدٍ تُصانُ فيه الكرامة، وتُبنى فيه الوحدةُ على أسسٍ من الإرادةِ والثقة، لأن التاريخَ لن يرحم من يتخاذلُ اليوم، وسيُسجّلُ أن النصر كان خياراً لمن أراد أن يكون جزءاً من صناعتة.


وختاماً:  إنه وفي عالمٍ تتصارعُ فيه الأجندات الدولية على أطلالِ المبادئ، تُظهرُ الأحداثُ الأخيرة وجهين مُتناقضين للقوة: فبينما يراهنُ الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" على ميل "ترامب" لروسيا لتحقيق أهدافٍ توسعيةٍ على حساب أوكرانيا، وتُثبتُ "مصر" بقيادتها السياسية وشعبها الأبي أن القوة الحقيقية تكمنُ في الوقوف مع الحق ورفضِ الظلم، وتراجع "ترامب" عن تصريحات تهجير غزة ليس إنتصاراً لسياسة القوة الناعمة، بل هو إعترافٌ بأنَّ إرادة الشعوب وصمودها قادرةٌ على كسر غطرسة القوىّ العظمىّ، اليوم؛ بينما تُحاول روسيا توظيف العلاقات الأمريكية لخدمة مصالحِها، تُذكّرُنا "مصر" بأنَّ الكرامةَ ليستْ سلعةً تُباعُ في سوقِ السياسة، بل هي"قيمةٌ تُبنى بالمواقفِ الشجاعة" فإذا كانت لعبة "بوتين وترامب" تُكرّسُ الفوضىّ، فإنَّ موقف "مصر" يُضيءُ درباً جديداً"درب الوحدة والعدالة الذي لن يُهزم ما دامت هناك إرادةٌ تُقاتلُ من أجلِ الحق، والرسالةُ الأخيرةُ واضحة؛ "بأن العالم يتغير" فإما أن نكون جزءاً من التغيير، أو نُدفن تحت أنقاضِ التخاذل، وغزة صامدةٌ لأن الحق لا يُهزم، ومصر تقفُ شاهداً على أن الكرامةَ لا تُفاوض.



تعليقات