الإخبارية نيوز :
• القمة العربية والمفترق المصيري
في لحظةٍ تاريخيةٍ تشبهُ المُفترقَ المصيري، تتنفّسُ الشعوبُ العربيةُ اليومَ بانتظارٍ حذرٍ، عيناها على قمّةٍ عربيةٍ طارئةٍ قد تُعيدُ تعريفَ مستقبلِ القضيةِ الفلسطينيةِ أو تُكرّس مزيداً من الإحباط، فالقمّةُ التي تنعقدُ اليومَ ليست مجردَ إجتماعٍ روتيني، بل هي"اختبارٌ مصيري" لصدقيةِ الزعماء العرب في مواجهة أخطر مُخطّطٍ يُهدّد وجود الشعب الفلسطيني؛ بالتهجيرُ القسري تحتَ غطاء الحرب، ومحاولات صهيوأمريكية مستميتة لطمس الحقوقِ عبر تركيع غزّةَ تحت أنقاضِ الدمار، والشعوب العربية التي ما زالت تحملُ في ذاكرتها جراح النكبات المتتالية، تُدركُ أنَّ هذه القمةَ قد تكونُ الفرصةَ الأخيرةَ لوقفِ نزيف الكرامة العربيّة، فهل يخرج القادةُ بموقفٍ عربيٍ مُوحّدٍ يرفضُ التهجير رفضاً قاطعاً، ويُحوّل خطاب "إعمارِ غزّة" إلى فعلٍ ملموسٍ عبر حزمة قراراتٍ ماليةٍ وسياسيةٍ فورية؟، أم سينتهي الاجتماع ببيانٍ باهتٍ يُضيفُ سطراً جديداً إلى سجلّ الوعود المُجهَضة؟، والسؤالُ هنا؛ يخترقُ قلوب الملايين هل ستُثبتُ القمةُ أنَّ "العروبةَ" ما زالتْ قادرةً على أن تكونَ جداراً بشرياً ضدّ المَذلّة؟، أم ستُبرهنُ أنَّ الزعامات العربيةَ قد إستبدلتْ دماءَ القدسِ بأسعار النفطِ وصفقاتِ التطبيع؟، واليوم بينما تُدقّقُ الشعوب في كلِّ كلمةٍ تخرجُ من القاهرة، يُصبح على القادةِ العرب أن يختاروا: إمّا أن يكتبوا تاريخًا جديدًا للعربِ بمواقف شجاعةٍ تُعيدُ للأمة ثقتَها بنفسها، أو أن يُسجّلوا أنفسَهم كـ"جيلِ الهزائمِ" الذي سلّم فلسطينَ للنسيان.
وينتظر العالم العربي والإسلامي بِأسره أن تكون هذه القمّة نقطة تحوّل، لا مُجرّد لقاءٍ عابرٍ، فـ"غزّة" تُذكّرنا كُلّ يومٍ: وإنَّ التاريخ لا يُكرّم المُتفرِّجين على المآسي، بل يُخلّدُ أولئك الذين وقفوا مع الحقِّ حتى حين تخلّى الجميع فلنكن أهلاً لهذا التحدي فـ"الأرواح التي سقطت تحت الأنقاض تُراقب" مجريات القمة اليوم، لذا؛ ندعوالقمة العربية التي ستنعقد اليوم "الثلاثاء" إلى إتخاذ موقف موحد لمواجهة مخططات تهجير الفلسطينيين، ووضع حد للغطرسة التي يتعامل بها صناع القرار الداعمين للإحتلال، والنظر بجدية وتمعن للإستهتار الأمريكي بالقانون الدولي والتصدي القوي والحاسم لغطرسة نتنياهو ومن يدعمه، التي تجعله ينقض على إتفاقية وقف إطلاق النارويتراجع عنتنفيذ بنودها، والآن وبالتزامن من عقد القمة العربية يعلنها "نتنياهو" أمام العالم بكل صَفاقة بوقف دخول جميع المساعدات لـ"غزة" والتي تعُد تصريح واضح وعلى الملأ بإرتكاب جريمة حرب تتوفر فيها النية التي أعلن عنها بآستخدام التجويع كسلاح حرب.
•القمة العربية بين الإختبار والإرادة
"في لحظةٍ تُختبر فيها إرادةُ الأمةِ العربيةِ وتُكتَبُ فيها سطور التاريخ بدماء غزة وصمودِها، تَخرج الشعوب العربيةُ اليومَ بِصوتٍ واحدٍ لِتُعلن دعمَها المطلقَ لِقمة القاهرة الطارئة، رافضةً بِكُلِّ حزمٍ أيَّ مخططٍ لتهجيرِ الفلسطينيين، ومُطالبةً بِتحويلِ خطاب الإعمارِ إلى أفعالٍ تُنقذُ ما تبقى من كرامةٍ عربية، فالقمةُ ليست مجرد إجتماعٍ دبلوماسي، بل هي "مُنعطفٌ وجودي" لإثبات أن العرب قادرون على حماية مقدّراتِهم ومصيرِهم المشترك، والشعوب التي لم تنس جراح النكباتِ السابقة، تُدركُ أنَّ هذه القمةَ "إختبارٌ أخير" لصدقية الأنظمة العربية إما أن تخرج بموقفٍ حازمٍ يُجسِّدُ رفض التهجير عبر عقوباتٍ سياسيةٍ وإقتصاديةٍ ضدَّ أيِّ طرفٍ داعمٍ له، وإما أن تُضاف إلى سجلِّ الهفوات العربية، أما إعادةُ إعمارغزة، فليست مجرد شعارٍ إنساني، بل هي "رسالةٌ سياسيةٌ" بأنّ العرب قادرون على صناعةِ واقعٍ جديدٍ بعيداً عن وصاية الخارج، والجماهيرُ العربيةُ، التي تتابعُ بقلوبٍ معلَّقةٍ، تُريد قراراتٍ تُترجم إلى صندوقِ إعمارٍ عاجلٍ تُشاركُ فيه كلُّ الدول العربيةِ دون إستثناء، وحملة ضغطٍ دوليةٍ لِإجبارِ الكيانِ الصهيوني على وقفِ عدوانِه، ومُبادرةٍ عربيةٍ لِكسرِ الحصارِ عن غزةَ ودخول جميع المساعدات الإنسانية عنوة عبر قنواتٍ مباشرة، واليوم؛ القادة العرب أمام خيارين: إما أن يَكتبوا نصراً بأحرف الوحدةِ، أو يُكرِّسوا هزيمةً جديدةً بِحروفِ التشرذم، والشعوب لن تُغفر لهم إلا إذا أثبتوا أنَّ الدم الفلسطينيَّ أثمنُ من أيِّ مصلحةٍ ضيقة الأفق.
• رسالة لقادة القمة العربية
إلى قادة الأمة العربية المُجتمعين في القاهرة، إنَّ التاريخ يُسجّل اليوم إختباراً مصيريّاً لوحدتِكم وإرادتِكم، فما يُحاكُ ضد الشعب الفلسطيني من مُخطّطات تهجيرٍ وإستبدالٍ ديموغرافي ليس مجرد إنتهاكٍ للقانون الدولي، بل هو طعنةٌ في خاصرة القضية العربية الأقدس، وهذه القمّة الطارئة يجب أن تخرجَ بِـ"موقفٍ عربيٍ موحّدٍ" يرفضُ كافة أشكال التهجيرِ جملةً وتفصيلاً، ويُحوّل الرفض اللفظي إلى إجراءاتٍ ملموسة على أرض الواقع؛ من مقاطعةٍ سياسيةٍ وإقتصاديةٍ للداعمين لهذه المخطّطات، وإلى تفعيلِ المقترح العربيِ لإعادة إعمار غزة عبر صندوقٍ عاجلٍ تُموّله الدول العربيةُ، ليكون إعمارُ القطاع ردّاً عمليّاً على محاولات طمس الهوية الفلسطينية، ولا مكانَ للتَردُّد أو الحساباتِ الضيقة اليوم، فإمّا أن تَثبُتوا كـ"جدارٍ منيعٍ" ضدَّ سياسات التهجير، أو تُصبحوا شركاءَ في جريمةٍ لن يغفرَها لكم التاريخ، وغزةُ لم تسقطْ رغم الدمار، وعليكم أن تكونوا عندَ مستوىّ صمودِها، الإتحاد الآنَ ليس خياراً بل هو"واجبٌ لا يُغتفرُ التقصيرُ فيه.
وختاماً: أيها القادة الأجلاء المجتمعون اليوم على مائدةِ القمة، إنَّ إستردادَ ثقة الشعوبِ العربية مرهونٌ بكلمات البيانِ الختاميِّ الذي ستُصدرونه، فالشعوبُ لم تعد تأبىّ للخطاباتِ الرنّانةَ، ولا تُجدي دموعُ التعاطفِ مع فلسطينَ إذا لم تترجمها قراراتٌ جريئةٌ تُوقِفُ نزيفَ التهجير، وتُعيدُ للعرب كرامتَهم المغدورة، وهذه القمة ليست لقاءً عابراً، بل هي "محكٌ تاريخيّ" سيسألُكم عنه الجيلُ القادمُ: هل كنتم جدار أمانٍ ضدَّ المخططاتِ الصهيونيةِ المدعومة من امريكا، أم مجردَ شهودِ على جريمةِ العصر؟ الشعوبُ تراقبُكم من خلف الشاشات، وتنتظرُ أن تروا في بيانِكم بصيص أملٍ يُثبتُ أنَّ "العروبةَ" ليست حبراً على ورق، بل إرادةً ترفضُ المذلة، فإمَّا أن تخرجوا بـ"وثيقةٍ تُحرِّك الضميرَ العالميَّ"، وتُعلن رفض التهجيرِ، وتُجبرُ المجتمع الدوليَّ على الإعترافِ بحقوقِ الفلسطينيين، وإمَّا أن تُكرِّسوا صورةَ العجزِ التي لاحقتْ الجميع منذ النكبات الأولىّ ، والفرصةُ الأخيرةُ بين أيديكم: كلمةٌ واحدةٌ مُوحَّدةٌ قد تُنقذُ أكثر من مليون فلسطينيٍّ من التشريد، وقرارٌ جريءٌ بإعادة إعمار غزةَ قد يُعيدُ للأمةِ روحَها، وخطوةٌ نحو مقاطعةِ داعمي التهجيرِ قد تُعلنُ ميلاد زمنٍ عربيٍّ جديد.
تعليقات
إرسال تعليق