بِقَلَمِ: فُؤَادٍ زَادِيكي
كَثِيرًا مَا تُتَرَدَّدُ عَلَى الألسُنِ عِبَارَةُ "الخِيانةِ الزَّوْجِيَّةِ"، تِلْكَ الكَلِمَةُ الَّتِي تَشْرَخُ الآذَانَ فِي وَقْعِهَا الأَلِيمِ، الَّذِي يَحْمِلُ الكَثِيرَ مِن مَعَانِي خِيبَةِ الأَمَلِ، وَ انْعِدَامِ الثِّقَةِ، وَ الأَلَمِ النَّفْسِيِّ، وَ الحُزْنِ العَمِيقِ، وَ غَيْرِهَا مِنَ ٱلْمَشَاعِرِ ٱلْمُدَمِّرَةِ، الَّتِي تَنْشَأُ جَرَّاءَ هَذِهِ الخِيانةِ. تُعْتَبَرُ الخِيانةُ الزَّوْجِيَّةُ وَاحِدَةً مِن أَعْظَمِ ٱلتَّحَدِّيَاتِ، الَّتِي قَدْ تُوَاجِهُ أَيَّ عَلاَقَةٍ زَوْجِيَّةٍ، لِمَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِن نَتَائِجٍ خَطِيرَةٍ قَدْ تَهْدِمُ بُيُوتًا وَ تَقْتُلُ سَعَادَةً، وَ تَجْعَلُ ٱلْحَيَاةَ بَيْنَ ٱلزَّوْجَيْنِ جَحِيمًا لَا يُطَاقُ.
إِنَّ الخِيانةَ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى ٱلْجَسَدِ فَقَطْ، بَلْ تَشْمَلُ أَيْضًا مَشَاعِرَ ٱلتَّفَرُّقِ وَ ٱلْاِنْفِصَالِ العَاطِفِيِّ، إِذْ تَصْبَحُ ٱلْعَلاَقَةُ مَلِيئَةً بِٱلشُّكُوكِ وَ ٱلتَّوَتُّرَاتِ ٱلْمُسْتَمِرَّةِ، وَ تَسُودُ فِيهَا ٱلْكَرَاهِيَةُ وَ ٱلتَّخَاصُمُ. فِي كَثِيرٍ مِنَ ٱلْأَحْيَانِ، يُصَابُ ٱلطَّرَفُ ٱلْمُتَعَرِّضُ لِلْخِيانةِ بِصَدْمَةٍ عَاطِفِيَّةٍ وَ نَفْسِيَّةٍ، قَدْ تَقُودُهُ إِلَى ٱلْاِنسِحَابِ وَ ٱلْاِبْتِعَادِ تَامًّا عَنْ ٱلْعَلاَقَةِ. وَ مَعَ مُرُورِ ٱلْوَقْتِ، تُصْبِحُ الخِيانةُ عُنصُرًا يَشِلُّ هَذِهِ ٱلْعَلاَقَةَ وَ يَحْدُّ مِنْ إِمْكَانِيَّةِ ٱسْتِمْرَارِهَا.
إِذَا مَا نَظَرْنَا إِلَىٰ مَنِ يَقَعُ أَكْثَرَ فِي فَخِّ الخِيانةِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنَّ ٱلْأَبْحَاثَ وَ ٱلدِّرَاسَاتِ تُشِيرُ إِلَىٰ أَنَّ نِسْبَةَ وَقُوعِ الخِيانةِ قَدْ تَخْتَلِفُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَ ٱمْرَأَتِهِ، وَ لَٰكِنَّ لَا يُمْكِنُنَا تَحْدِيدُ جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِشَكْلٍ مُطْلَقٍ، لِأَنَّ ذَٰلِكَ يَعْتَمِدُ عَلَىٰ عَدِيدٍ مِنَ ٱلْعَوامِلِ، مِثْلِ ٱلظُّرُوفِ ٱلْاِجْتِمَاعِيَّةِ، وَ ٱلثَّقَافِيَّةِ، وَ ٱلنَّفْسِيَّةِ. بَعْضُ ٱلدِّرَاسَاتِ تُشِيرُ إِلَىٰ أَنَّ الرِّجَالَ قَدْ يَكُونُونَ أَكْثَرَ تَعَرُّضًا لِلْخِيانةِ الجَسَدِيَّةِ، بَيْنَمَا قَدْ تَكُونُ النِّسَاءُ أَكْثَرَ تَأَثُّرًا بِالخِيانةِ العَاطِفِيَّةِ. وَ لكِنَّ فِي كِلَّا ٱلْحَالَتَيْنِ، يُؤَدِّي ٱلْخِيانةُ إِلَىٰ تَهْدِيمِ أُسُسِ ٱلْعَلاَقَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَ زَعْزَعَةِ ٱلثِّقَةِ بَيْنَ ٱلطَّرَفَيْنِ.
هَلْ مِنَ ٱلْمُمْكِنِ إِصْلَاحُ مَا أَفْسَدَتْهُ هَذِهِ ٱلْخِيانةُ؟ هَذَا سُؤَالٌ مُحَيِّرٌ، وَ ٱلْإِجَابَةُ عَلَيْهِ تَعْتَمِدُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَىٰ مَدَىٰ ٱسْتِعْدَادِ ٱلطَّرَفَيْنِ لِلتَّفَاهُمِ وَ ٱلْعَمَلِ مَعًا عَلَىٰ تَرْمِيمِ ٱلْعَلاَقَةِ. إِذَا كَانَ هُنَاكَ رَغْبَةٌ حَقِيقِيَّةٌ فِي إِعَادَةِ بِنَاءِ ٱلثِّقَةِ وَ إِصْلَاحِ ٱلْعَلاَقَةِ، فَإِنَّ ٱلْعِلاجَ قَدْ يَكُونُ مُمْكِنًا، وَ لكِنْ يَتَطَلَّبُ ذَٰلِكَ وَقْتًا طَوِيلًا وَ جُهْدًا مُضَاعَفًا مِن كِلا ٱلطَّرَفَيْنِ. فِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ، قَدْ يَكُونُ مِنَ ٱلْأَفْضَلِ أَنْ يَظَلَّ ٱلزَّوْجَانِ بَعِيدَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمَا وَ يَتَّخِذُ كُلُّ طَرَفٍ مِن طَرِيقِهِ، إِذَا كَانَ مِنَ ٱلْمُسْتَحِيلِ إِصْلَاحُ ٱلْضَّرَرِ، الَّذِي حَدَثَ.
فِي ٱلْخِتَامِ، تُعْتَبَرُ الخِيانةُ الزَّوْجِيَّةُ مِنْ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ، الَّتِي قَدْ يَمُرُّ بِهَا أَيُّ شَخْصٍ، وَ لكِنْ لَا يَجِبُ أَنْ نَنْسَىٰ أَنَّ لِكُلِّ مَشْكَلَةٍ حَلًّا، وَ أَنَّ ٱلْإِرَادَةَ وَ ٱلْحِوَارَ وَ ٱلتَّوَاصُلَ ٱلْجَادَّ قَدْ يَكُونُانِ ٱلْمِفْتَاحَ لِإِصْلَاحِ مَا تَهَدَّمَ. وَ مَعَ ذَٰلِكَ، يَبْقَىٰ ٱلسُّؤَالُ ٱلْأَهَمُّ: هَلْ يُمْكِنُ أَنْ نُعِيدَ ٱلثّقَةَ بَعْدَ أَنْ تَحَطَّمَتْ؟ وَ ٱلْإِجَابَةُ تَكْمُنُ فِي ٱلْأَمَلِ وَ ٱلْعَمَلِ ٱلْمُسْتَمِرِّ عَلَىٰ بِنَاءِ عَلاَقَةٍ قَائِمَةٍ عَلَىٰ ٱلتَّفَاهُمِ وَ ٱلْاِحْتِرَامِ ٱلْمُتَبَادَلِ.
تعليقات
إرسال تعليق