القائمة الرئيسية

الصفحات

من سلسلة " أصوات في العتمة " للكاتب : إدريس ابورزق 

الحلقة الثالثة : الألم الذي لا صوت له

لا أحد كان يعرف. لم يكن هناك ندوب مرئية، ولا دموع علنية، ولا صرخات تمزق الليل. كل ما كان هناك هو وجه هادئ، كلمات موزونة، ابتسامة ثابتة لا تهتز.

كانت تتحدث بشكل طبيعي، تمارس يومها كما يجب، تضحك حين يكون من المفترض أن تضحك، وترد بجمل مناسبة على كل محادثة عابرة. لكنها كانت تعرف الحقيقة.
في الداخل، كان هناك شيء ثقيل، كجمر مشتعل تحت الرماد، لا يحترق بما يكفي ليُرى، لكنه يحرقها ببطء، من الداخل فقط.

كانت تود أن تقول شيئًا، أن تشرح، أن تصرخ حتى، لكن كيف يمكن أن تشرح ألمًا بلا اسم؟ كيف يمكنها أن تفسر إحساسًا لا ملامح له؟ ذلك الفراغ الذي يبتلعها كل ليلة، تلك الوحدة التي ترافقها حتى في أكثر الأماكن ازدحامًا، ذلك السؤال الذي يتردد في ذهنها دائمًا:

"لماذا أشعر بهذا، وأنا لا أملك سببًا واضحًا للحزن؟"

كم مرة أرادت أن تبكي دون أن تعرف لماذا؟ كم مرة تمنت أن يسألها أحدهم السؤال الصحيح، ذلك الذي يمكنه أن يفتح الباب المغلق داخلها؟ لكنها كانت جيدة في إخفاء الأشياء، في تقديم الإجابة التي يتوقعها الآخرون، في إقناع الجميع بأنها بخير، حتى عندما كانت أبعد ما يكون عن ذلك.

وفي كل مرة كانت تفكر في الحديث، كان صوت آخر في داخلها يهمس: لا أحد سيفهم.

لذلك، كانت تكتفي بالصمت، تبتسم، وتعيش يومًا آخر، وهي تعلم أن بعض الآلام لا تُحكى، ولا تُفسَّر... فقط تُحمل بصمت، كظل يرافقنا أينما ذهبنا.

تعليقات