يارا المصري
ضخت حماس منذ سنوات خلت، مليارات الدولارات من المساعدات الدولية إلى الأسلحة والأنفاق بدلاً من البنية الأساسية أو التعليم أو الرعاية الصحية لسكان قطاع غزة، حتى تركت سياساتها غزة في حالة مت خراب، وقطاع بلا قيادة ولا رؤية ولا أمل، والآن، مع تحييد مقاتليها وسقوط معاقلها، بات من الواضح أن حماس قادت المنطقة إلى الكارثة، وليس التحرير.
هذه الانتقاد وغيرها سببت إحراجاً للحركة، إذ كثيراً ما تقول إسرائيل إن مقاتلي "حماس" يختبئون بين المدنيين ويحتمون فيهم ويستخدمونهم دروعاً بشرية، لكن "حماس" تنفي ذلك وتؤكد مراراً أن عناصرها يلتزمون بقواعد الحرب ويتجنبون المدنيين.
كما شكل انتقاد السكان الفلسطينيين وعلى رأسهم رجال الدين صدمة لـ"حماس"، وبخاصة لأن الحركة بررت هجومها على إسرائيل بأنه لتحقيق أغراض دينية، ولكن رجال الدين البارزين كان لهم رأي آخر إذ أكدوا أن الحرب لم تكن لضرورة دينية.
يقول أحد الشيوخ الكبار في قطاع غزة: "هناك شروط صارمة لممارسة القتال، وجميعها لا تنطبق على هجوم السابع من أكتوبر ولا على حرب القطاع، لذلك هناك ضرورة لتجنب الأعمال التي تثير رد فعل مفرطاً وغير متناسب من قبل الخصم".
واكتسبت معارضة رجال الدين الإسلامي لهجوم "حماس" على الأراضي الإسرائيلية أهمية كبيرة عندما قالوا أن الإنسان أغلى عند الله من أي شيء، ووكانوا يشيرون إلى عدد الضحايا الكبير الذي سقط في حرب القطاع، وتناقش سكان غزة كثيراً في هذه الجزئية حتى وصل الأمر إلى جدل داخلي حول التبعات الأخلاقية والقانونية لأفعال "حماس" في السابع من أكتوبر التي كانت سبب اندلاع الحرب.
كما أدان المشايخ التطرف وعارضوا مثل هذه الجماعات على رغم أنهم رجال على ثقة بالنسبة إلى الحركة التي كانت تعتبرهم جزءاً منها، كما أنهم عارضوا الكثير من القضايا التي تسببت بها الحرب مثل التعاملات التجارية الاستغلالية والنزاعات الاجتماعية التي بات يستخدم فيها السلاح والعنف السياسي.
انتقد أحد المشايخ قادة الحركة بكل وضوح، وبخاصة أولئك الذين يتهمون منتقدي الحرب بـ"الخيانة"، وطالب رجل الدين الذي كان يدير مفصلاً مهماً في أكبر معاهد "حماس" التعليمية بوقف الحرب الحالية فوراً، لأنها أهلكت الحرث والنسل.
كما انتقد مفتي محافظة خان يونس إحسان عاشور حرب القطاع، وركز على أن هذا القتال خلق ما وصفه بـ"التجار الفجار" الذين يستغلون المدنيين عندما يسرقون المساعدات الإنسانية والغذائية ويبيعونها في الأسواق بأضعاف سعرها.
وانتقد عاشور الذي يحظى بثقة الشارع الغزي تطبيق سياسة تجارية "قذرة" في غزة، قائمة على التخزين والتعطيش والتقطير في السوق المحلية، واعتبر أن القائمين على هذا الأمر معروفون لدى سكان غزة، لكن رجل الدين لم يوضح إذا كان يقصد عناصر "حماس" أو لصوصاً أو تجاراً.
تعليقات
إرسال تعليق