بِقَلَمِ فُؤَادٍ زَادِيكِي
لَا نَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَ مَاضِينَا، فَالمَاضِي هُوَ شَرِيطٌ قَدْ مَرَّ وَ لَنْ يَعُودَ، وَ لَا نَمْلِكُ سِوَى اِسْتِحْضَارِ ذِكْرِيَاتِهِ وَ تَجَارِبِهِ فِي ذَاكِرَتِنَا. لَكِنْ، هَلْ هَذَا يَعْنِي أَنْ نَقِفَ عَاجِزِينَ أَمَامَ مَا حَدَثَ؟ بِالتَّأْكِيدِ لَا. فَبَيْنَمَا لَا نَسْتَطِيعُ التَّغْيِيرَ فِي أَحْدَاثِ المَاضِي، يُمْكِنُنَا التَّأْثِيرُ فِي حَاضِرِنَا، وَ هَذَا التَّأْثِيرُ هُوَ البَوَّابَةُ الرَّئِيسِيَّةُ لِمُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ.
إِنَّ الحَاضِرَ هُوَ الوَقْتُ الَّذِي نَمْلِكُ فِيهِ الحُرِّيَةَ وَ القُدْرَةَ عَلَى اِتِّخَاذِ القَرَارَاتِ، وَ التَّأْثِيرِ فِي مَسَارِ حَيَاتِنَا. إِذَا اِسْتَطَعْنَا اِسْتِغْلَالَ هَذِهِ الحُرِّيَةِ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ، فَسَوْفَ نَضَعُ أُسُسًا قَوِيَّةً لِمُسْتَقْبَلٍ مُشْرِقٍ. وَ مِنْ خِلَالِ تَعَلُّمِنَا مِنْ أَخْطَاءِ المَاضِي، يُمْكِنُنَا تَجَنُّبُ تِكْرَارِهَا، وَ بِالتَّالِي نَحْظَى بِفُرْصَةٍ أَفْضَلَ لِبِنَاءِ حَيَاةٍ مَلِيئَةٍ بِالنَّجَاحَاتِ وَ التَّقَدُّمِ.
إِنَّ تَأْثِيرَنَا فِي الحَاضِرِ يَتَطَلَّبُ مِنَّا وَعْيًا كَبِيرًا بِأَهْدَافِنَا وَتَخْطِيطًا دَقِيقًا لِخُطُوَاتِنَا. عَلَيْنَا أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى الأَعْمَالِ الَّتِي تُسْهِمُ فِي تَحْسِينِ حَيَاتِنَا الشَّخْصِيَّةِ وَ المِهْنِيَّةِ، وَ أَنْ نَتَجَنَّبَ الأُمُورَ الَّتِي تُعِيدُنَا إِلَى الوَرَاءِ أَوْ تُعِيقَ تَقَدُّمَنَا. فَالمُسْتَقْبَلُ لَيْسَ إِلَّا نَتَاجًا لِمَا نَفْعَلُهُ اليَوْمَ. إِذَا كَانَتْ قَرَارَاتُنَا حَكِيمَةً وَ مَسْؤُولِيَّاتُنَا مَدْرُوسَةً، فَإِنَّ مُسْتَقْبَلَنَا سَيَكُونُ مُشْرِقًا وَ مَلِيئًا بِالفُرَصِ الإِيجَابِيَّةِ.
لَا يُمْكِنُنَا الهُرُوبُ مِنَ المَاضِي، وَ لَكِنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُعِيقَ طَرِيقَنَا. بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَبِرَهُ مَصْدَرَ قُوَّةٍ وَ دُرُوسٍ نَتَعَلَّمُ مِنْهَا. فَالنَّجَاحُ الحَقِيقِيُّ يَأْتِي مِنَ القُدْرَةِ عَلَى التَّكَيُّفِ مَعَ مَا حَدَثَ، وَ استِغْلَالِهِ لِخِدْمَةِ أَهْدَافِنَا. إِنَّ حَيَاتَنَا لَيْسَتْ مَجَرَّدَ سِلْسِلَةٍ مِنَ الأَحْدَاثِ الَّتِي تَمُرُّ بِنَا، بَلْ هِيَ نَتَاجُ اِخْتِيَارَاتِنَا وَ تَفَاعُلِنَا مَعَ هَذِهِ الأَحْدَاثِ.
وَ فِي الخِتَامِ، عَلَيْنَا أَنْ نُدْرِكَ أَنَّ التَّغْيِيرَ لَا يَأْتِي مِنَ التَّفْكِيرِ فِي المَاضِي، بَلْ مِنَ العَمَلِ عَلَى الحَاضِرِ. فَالحَيَاةُ تَمْضِي إِلَى الأَمَامِ، وَ مَا نَقُومُ بِهِ اليَوْمَ سَيُؤَثِّرُ بِلَا شَكٍّ عَلَى مَا سَنَكُونُ عَلَيْهِ غَدًا. لِهَذَا، لِنَجْعَلْ مِنْ حَاضِرِنَا جِسْرًا نَحْوَ مُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلَ، وَ لِنَعْمَلْ بِجِدٍّ لِتَحْقِيقِ أَحْلَامِنَا وَ تَطَلُّعَاتِنَا.
تعليقات
إرسال تعليق