بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 30 يوليو 2024
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد إنه يحتاج المسلم إلى نصائح وتطمينات بشأن هذا القلق واليقين بأن الله تعالي قد ضمن أرزاق العباد، وهذا ركن أساس في معالجة هذا القلق، وعندما نؤمن أن الله خلق كوكبا غنيا، وأنه يوجد فيه بالتأكيد زراعة وثروة حيوانية ومعادن، إلى آخره، بالتأكيد يوجد للعباد ما يكفيهم وزيادة، ولما قال تعالي " فامشوا في مناكبها "
هو سبحانه يعلم ماذا سينتج عن المشي في مناكبها من الفرص والأرزاق والأموال، فهذه الأسفار، وتغيير المكان، والانتقال من مكان إلى آخر، لا شك أنه يولد أيضا سعة، ثم تفكر في الكائنات غير العاقلة الدواب، فقال تعالي " وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها " فلا تطيق جمعه وتحصيله، ولا تؤخر شيئا لغد " الله يرزقها وإياكم " فيقيض لها الرزق على ضعفها، وييسره لها، ويخرجه، ويبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه، حتى الذر في قرار الأرض، والطير في مرتفعات الجو والهواء، هذا رزق الله لا يستطيع أن يمنعه أحد، إذا أرادك الله " برحمة فلا ممسك لها " فرزق الله لا يرده كراهية كاره، ولو أن في صخرة صماء ململمة، في البحر راسية ملس نواحيها، رزقا لعبد براها الله لانفلقت، حتى تؤدي إليه كل ما فيها.
أو كان فوق الطباق السبع مسلكها لسهل الله في المرقى مراقيها، حتى ينال الذي في اللوح خط له، فإن أتته وإلا سوف يأتيها، وإن من الأشياء التي تسكن القلق هو أن الله تعالي أول ما خلق الله القلم وقال له اكتب، فكتب مقادير السموات والأرض، فكتب المقادير، وكتب ما هو كائن قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وجف القلم على هذا المكتوب، وطوى الله تعالي عنا الغيب، فهما أمران عجيبان، كتب المقادير كلها قبل أن يخلق الخلق، وطوى عنا الغيب فلا نعلمه، وأمرنا باتخاذ الأسباب، والدعاء، وأخبرنا أنه كتب المقادير، ومنها أرزاقنا، وأن تعلم أنه شيء مقسوم، مكتوب، ومقدر، مفروغ منه، وزيادة على ذلك ما من نفس تنفخ في جسدها وهي جنين في بطن أمها إلا وملك يرسل لنفخها، ويكتب رزقها وأجلها وعملها.
وشقي أو سعيد، فيكتب رزقها وهذا شيء يريح الإنسان تماما، وكما أخبر الله سبحانه وتعالي أن أي نفس لن تموت حتى تستكمل رزقها، ما في شيء مكتوب لك إلا سيأتيك قبل أن تموت قطعا، فقال صلي الله عليه وسلم "فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" وأجملوا في الطلب يعني إذا دعوت ادعو بالجملة، ادعو بالعموم كما في دعاء، مثل قول " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " وحسنة الدنيا تشمل الرزق الوفير، والمركب الهانئ، والدار والواسعة، والزوجة الصالحة، والأولاد البررة، والذكر الحسن، وهكذا، ومن القواعد العظيمة في قوله صلي الله عليه وسلم "ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته"
فاغسل يدك من باب رزق حرام، ولو ضاقت عليك اغسل يدك من باب رزق حرام، ولو حصل فهو عقوبة وبلاء، وشؤمه إذا ما طالك في الدنيا ولا بد أن يطال، فسيأتي شؤمه في الآخرة عذابا أليما.
تعليقات
إرسال تعليق