القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن سبب في منع الجرائم المالية


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فريضة الزكاة، وإن فيها إنقاذا لإخواننا من براثن الشرك، إن فيها تقوية لهذه الأمة عموما فإن إغناء الفقراء يجعلهم يتفرغون لأمور أخرى مما فيه إعزاز الأمة، إنها سبب في منع الجرائم المالية كالسرقات، والنهب، والسطو، إنها تجعل المجتمع الإسلامي أسرة واحدة، إنها تذكر الغني بفضل الله عليه وأحسن كما أحسن الله إليك، ما نقصت صدقة من مال بل تزيده، وهذه الزكاة التي لابد من النية عند إخراجها، فلو أخرج صدقة عادية في السنة. 



ثم جاء وقت الزكاة فلا يجوز أن يحتسب تلك الصدقة من الزكاة لأنه لم ينو عند إخراجها أنها زكاة، وكذلك أخذ وإعطاء، تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، وأيضا فإن هناك فرقا عظيما بين الضريبة والزكاة، فالزكاة تدفع بنية التقرب إلى الله تعالي، والضريبة تدفع بالإكراه، والزكاة حق قدره الشارع، وليس لرغبات البشر وأهوائهم نصيب فيه، بخلاف الضرائب، والزكاة توزع في مصارف شرعية معينة بخلاف الضريبة، والزكاة فريضة ثابتة ما دام في الأرض إسلام ومسلمون، بخلاف المكوس التي تزداد، وتنقص، وتلغى، وتوضع، ولذلك فإنه لا يمكن أن تحتسب الضرائب من الزكاة، وأما ما أخذ من الناس باسم الزكاة فإنه يعتد به، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله وغيره أن ما أخذه ولاة الأمر باسم الزكاة يجزئ. 




ويعتبر من الزكاة، بخلاف ما أخذ بغير اسمها فإنه لا يعتد به، ومن أحكام الزكاة إن لها وقت إخراج معين، وهذا يدل على دقة هذه الشريعة، وتراها تجب بحسب التعب، فأنت ترى أن الزرع إذا كان يسقى بالجهد، والتعب، بالنواضح والسواقي، باستخراج الماء، بالحفر، بالتمديدات، فإن فيه نصف العشر، وإذا سقي بماء السماء العشر، وبينهما ثلاثة أرباع العشر، وإذا وجد ركاز في الأرض الخمس، وهكذا تجد من الزكاة ما هو في أموال شائعة، والذهب والفضة أغلب ما يتداوله الناس من النقد، وقد يوجد ما هو أجود منها من المعادن كالبلاتين فلا يجب فيه الزكاة إلا إذا أعد للبيع فصار من عروض التجارة، إنك تجد أن هذه الزكاة على المسلمين لأنها تطهر، وأما الكافر فلا يطهر، ولا يستفيد من إخراجها، وإنما يحاسب على ماله يوم القيامة، وإنك تجد أن الزكاة على المال الحلال.




أما المال الحرام فلا زكاة فيه لأنه يجب التخلص منه أصلا كله، أوجبتها الشرعية على الأحرار لأن العبيد مملوكون للسيد هم وما ملكوا، وتجد هذه الأنصبة المتفاوتة المرتبة من الحكمة الإلهية، وأن المال لابد أن يكون مملوكا ملكا تاما، فلو كان مغصوبا، أو ضائعا أو كانت مساهمة متعثرة لا يمكن بيعها بأي قيمة، ولا التصرف فيها، أو أموال محبوسة فإنه ليس فيها زكاة، إنك تجد أن الأموال التي ليس لها مالك معين كأموال الأوقاف، وصناديق البر، وأموال الجمعيات الخيرية، وما جمع لبناء المساجد ليس فيها زكاة، وكذلك ثلث وصية الميت التي أوصى بها في جهات البر العامة.

تعليقات