القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن أشواق المؤمنين إلى حج بيت الله


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله الذي جعل الشباب قوة، وزينة وفتوة، وزيّن بالثبات منهم من شاء، وحلى بالإستقامة منهم من أراد، أحمده سبحانه وأشكره والشكر له على جزيل نعمه، وعظيم مننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه بالهدى والنور، فلبّى دعوته شباب نفع الله بهم الإسلام وأمته، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، المتفانين في دعوته، والممتثلين لأوامره، والمجتنبين لنواهيه، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد فى شهر ذي الحجة تشتد أشواق المؤمنين إلى حج بيت الله الحرام، ويأخذهم الحنين إلى الطواف والسعي، وتحملهم آمالهم أن يكونوا في ركب الحجيج ملبّين لربهم إجابة بعد إجابة، ومهللين ومسبحين، يحدوهم الشوق إلى الروضة والمقام، والملتزم والركن.




يرجون شهود موقف عرفة وليلة جمع، والمشعر الحرام، وكم تقطعت قلوب الصالحين شوقا لأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، ولكن قضى الله وقدّر في سابق علمه أن اختار لكل موسم أهله، ولكل عام حاجّه، فلا يسع الموقف جميع المسلمين، ولم يأمرهم الشرع جميعا أن يجتمعوا كل عام رحمة بهم ولطفا، ومراعاة لمصالحهم وتقديرا لظروفهم، مع حث الشرع على المتابعة بين الحج والعمرة لمن أطاق وقدر على اتخاذ السبيل إلى بيت الله الحرام، ولقد شاءت حكمة الله تبارك وتعالى أن جعل لمن لم يكتب له الحج موسما للطاعة، لكي يستكثر فيه غير الحجيج من العمل الصالح، ويتنافسوا في هذه الأيام العشر فيما يقربهم إلى ربهم فالسعيد من اغتنم أيام البر، وقطف من ثمراتها، وجنى من فرصها ما يبلغه إلى رحمة الله تبارك وتعالى. 




وهذه الأيام العشر هي أيام أقسم الله بها في القرآن العظيم تنويها لفضلها لأن الله إذا أقسم بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح في هذه العشر أفضل من غيرها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخارى، وإن الأضحية من تعظيم شعائر الله فإذا كان الحاج في مِنى يذبح الهدي تقربا إلى الله تعالى وطمعا في بر حجه، وقضاء نسكه، فإن مَن لم يحج أمامه فرص أخرى للمغفرة إذا استثمرها فاز برضوان الله تبارك وتعالى.




ومن ذلك أن يضحي عن نفسه وآل بيته، وإذا كان الهَدي وكذا الأضحية لا يصل إلى الله منهما شيء، فإنهما إنما شرعا تعظيما لشعائر الله عز وجل بالذبح والنسك، وتوسعة على الخلق، وتقربا إلى الله تعالى، ولذا يلزم الإخلاص التام فيهما لله تعالى، وأن يحرص العبد على سلامة القصد، وصحة الهدف، وأن ينوي تعظيم شعائر الله بذبح الأضحية في موعدها بعد صلاة العيد وفي أيام التشريق، يرجو بذلك أن تكون هذه الأعمال سببا لتحصيل تقوى الله تبارك وتعالى، فاللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلي كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.

تعليقات