بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 20 فبراير 2024
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أم بعد إن من التهيئة الإيمانية التعبدية هو تهيئة العزيمة بالعزم على فتح صفحة جديدة مع الله تعالي، وجعل أيام رمضان غير أيامنا العادية، وكذلك عمارة بيوت الله تعالي وشهود الصلوات كلها في جماعة، وإحياء ما مات من سنن العبادات، مثل المكث في المسجد بعد الفجر حتى شروق الشمس والمبادرة إلى الصفوف الأولى وقبل الأذان بنية الاعتكاف وغيرها، ونظافة الصوم مما يمكن أن يلحق به من اللغو والرفث، وسلامة الصدر، والعمل الصالح في رمضان.
واستحضار أكثر من نية من الآن، ومن تلك النيات هي نية التوبة إلى الله عز وجل، ونية فتح صفحة جديدة مع الله تعالي، ونية تصحيح السلوك وتقويم الأخلاق، ونية الصوم الخالص لله تعالي، ونية ختم القرآن أكثر من مرة، ونية قيام الليل والتهجد، ونية الإكثار من النوافل ونية طلب العلم ونية نشر الدعوة بين الناس ونية السعي إلى قضاء حوائج الناس ونية العمل لدين الله ونصرته ونية العمرة ونية الجهاد بالمال وغير ذلك من أعمال الخير واهمال البر والتقوي، وكما أن هناك أيضا التهيئة الجهادية وهي تحقيق معنى مجاهدا لنفسه وذلك من خلال منع النفس من بعض ما ترغب فيه من ترف العيش، والزهد في الدنيا وما عند الناس، وعدم التورط في الكماليات من مأكل ومشرب وملبس كما يفعل العامة عند قدوم رمضان.
والتدريب على جهاد اللسان فلا يرفث، وجهاد البطن فلا يستذل، وجهاد الشهوة فلا تتحكم، وجهاد النفس فلا تطغى، وجهاد الشيطان فلا يمرح، وحمل النفس على أن تعيش حياة المجاهدين، وتدريبها على قوة التحمل والصبر على المشاق، من خلال التربية الجهادية المعهودة، فيا أيها الأخوة الأحباب قد أخرج الإمام النسائى فى سننه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال صلي الله عليه وسلم" ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " وقال الإمام ابن رجب الحنبلى رحمه الله وفى هذا الحديث فؤائد أحدهما أنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان.
يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان الشهر الحرام وشهر الصيام اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولا عنه، وفي قوله صلي الله عليه وسلم "يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان" إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقا أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم، وفيه دليل على إستحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، كما كان طائفة من السلف، أسأل الله عز وجل أن يردنا إلى دينه ردا جميلا، وأن يطعمنا حلالا، وأن يستعملنا صالحين، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.
تعليقات
إرسال تعليق