القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن العلاقة التي تربط الإنسان بالحياة الدنيا


بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 24 فبراير 2024

الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، فإن العلاقة التي تربط الإنسان بالحياة الدنيا في التصور الإسلامي، هي علاقة ابتلاء أي إختبار وإمتحان، وهي تعني اختبار طاعة الإنسان لله عز وجل واتباع تعاليمه في جميع شؤون الحياة، وهذا الإبتلاء هو المظهر العملي لعلاقة العبودية بين الله تعالى والإنسان، وعمر الإنسان هو الزمن المقرر لهذا الابتلاء.




فالأرض هي قاعة الإمتحان التي يجري فيها هذا الابتلاء، أما مواد الإبتلاء، فهي جميع ما على وجه الأرض فالمال فيها امتحان، والزوجة والأولاد امتحان، والغنى والفقر امتحان، والصحة والمرض امتحان، والقوة والضعف امتحان، وكلنا ممتحن في كل ما نملك، وفي كل ما يعترينا في هذه الحياة، حتى نلقى الله تعالي، وإن الموت هو نهاية مدة الإبتلاء، والبعث والحساب هما فرز نتائج الإبتلاء، وتصنيف الناجحين والفاشلين، والمآل إلى الجنة أو النار هما الثمرة العملية لهذا الابتلاء، وهكذا، فإن نقطة الابتلاء في حياة الإنسان هي هذه الزينة الموجودة في الأرض، هل يتناول منها القدر الذي أباحه الله وأحله، أم ينتهب ما حرم الله ولا يلتزم بطاعته؟ فعندما غابت هذه الحقيقة عن أذهان أكثر الناس. 




انشغلوا بهذه الحياة الدنيا، فأصبحت منتهى أملهم، ومبلغ علمهم، وغاية طموحاتهم، تراهم يتخبطون بين أمواجها، يتنافسون على شهواتها وملذاتها، يتسابقون على جمع حطامها الزائل، يسكرون من كأس شرابها، من أجل متاعها، يخون الناس الأمانات، وينكثون العهود، ويجحدون الحقوق، وينسون الواجبات، ومن أجل متاعها يفترس القوي الضعيف ويلتهم الكبير الصغير، ويعيشون كسباع الغابة أو أسماك البحار، ومن أجل متاعها، يغش التجار ويطففون، ويطغى الأغنياء ويترفون، ويتجبر أصحاب الجاه والمناصب ويستعلون، ونسوا في غمرة سكرتهم أن كل هذه الزينة التي يتقاتلون من أجلها، ستصبح فانية مضمحلة، وزائلة منقضية، وستعود الأرض صعيدا جرزا، قد ذهبت لذاتها. 




وانقطعت أنهارها، واندرست آثارها، وزال نعيمها وكل ما فعلوه مسطور ومكتوب وفي الآخرة تعرض أوراق الإختبار والإمتحان على علام الغيوب، فعليكم بالأعمال الصالحة في الدنيا فأنتم في إختبار وإمتحان وقد خلقكم الله تعالي للعبادة فاتقوا الله وأحسنوا إلي الخلق جميعا وأعجب من ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بينما كلب يطيف بركية أي بئر، قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت موقها، وهو خُفّها، فاستقت له به، فسقته إياه، فغفر لها به" رواه البخاري، وفي المقابل أوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإساءة إلى البهائم ربما أودت بالعبد إلى النار، فقال صلى الله عليه وسلم "دخلت امرأة النار في هرّة، وهي القطة.




ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا" رواه مسلم، وأمر صلى الله عليه وسلم بمعاملة الحيوان بالرفق، فقد استصعب جمل على أصحابه، فأعاده النبي صلى الله عليه وسلم إلى حاله الأولى بالرفق واللين.

تعليقات