القائمة الرئيسية

الصفحات

الدكروري يكتب عن إستعن بالله ولا تعجز


بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 24 فبراير 2024

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، فاتقوا الله تعالى عباد الله، واعلموا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها، والعمل بها، ويُسأل عنها في قبره، ومن هذه المعرفة معرفة صفاته صلى الله عليه وسلم أما بعد فيا عباد الله اعلموا أن الذي يعيش لهذه الأرض وحدها ويريد ثواب الدنيا وحدها إنما يحيا حياة الديدان والدواب والأنعام ثم يموت في موعده المضروب بأجله المكتوب، والذي يتطلع إلى الأفق الآخر، إنما يحيا حياة "الإنسان" الذي كرمه الله واستخلفه وأفرده بهذا المكان. 




ثم يموت في موعده المضروب بأجله المكتوب، وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا، فإننا لسنا بحاجة إلى الضعفاء المهازيل الخائفون من هبة ريح أو عاصفة هو جاء الذين لا ينصرون صديقا ولا يخيفون عدوا، لا نريد الجبان الذي إن أحس بعصفور طار فؤاده وإن طنّت بعوضة طال سهاده يفزع من صرير الباب إن نظرت اليه شزرا أغمي عليه شهرا يحسب خفوق الرياح قعقعة الرماح، فاسمعوا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير" أمرنا الله تعالي أن نعد ونستعد بالقوة والعتاد والجند والسلاح قوة الإيمان وعتاد الأخوة وجند التكافل وسلاح الدعاء مع العمل بالأسباب المادية، وأعدوا يا معشر المسلمين لمواجهة أعدائكم كل ما تقدرون عليه. 





من عدد وعدة لتدخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم وتخيفوا آخرين لا تظهر لكم عداوتهم الآن لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه، وإن الزمان قد تغير على المسلمين فانكمشوا بعد إمتداد ووهنوا بعد قوة هذا كله لإننا ضيعنا مصادر قوتنا فالإيمان لم يعد هو المسيطر على أنفسنا والموجه لإخلاقنا، فأصبحنا غثاء كغثاء السيل في ذل وهوان، والإستقامة على الجادة، أما الرجل الخرب الذمة، الساقط المروءة فلا قوة له ولو لبس جلود السباع، ومشى في ركاب الأقوياء، وإن ابن آدم إذا انحرف فقد يتعرض للعنة أهل الأرض والسماء، ويكون في ضعفه وحقارته أقل من الذر والهباء، ولمثل هذا جاء الحديث الصحيح "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" 






وقد قال بعض أهل العلم في هذا الباب إن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو، وإذا ملك الإنسان نفسه فقد قسر شيطانه، أما القوة العسكرية فمطلب في الشريعة معلوم فإنها القوة التي تحفظ الإسلام وأهل الإسلام، فلا يصدون عن الإسلام ولا يفتنون، قوة ترهب أعداء الله فعلى ديار الإسلام لا يعتدون، قوة ترهب أعداء الله فلا يقفون في وجه الدعوة والدعاة، وهي قوة كذلك من أجل الاستنصار للمستضعفين والمغلوب على أمرهم ليظهر أمر الله، ويحق الحق ويبطل الباطل، وفي جميع مجالات القوة يكون الخير والمحبة الإلهية "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" وأما عن قوله "استعن بالله ولا تعجز" فإنه يمثل صورة أخرى من صور القوة، إنها قوة العزم والأخذ بالأسباب على وجهها. 





يستجمع المؤمن في ذلك كل ما يستطيع في سبيل تحقيق غاياته، باذلا قصارى جهده في بلوغ مآربه غير مستسلم للحظوظ "استعن بالله ولا تعجز" فإن المرء مكلف بتعبئة قواه وطاقاته لمغالبة مشكلاته إلى أن تنزاح عن طريقه، فإذا استطاع تذليلها فذلك هو المراد، وما وراء ذلك فيكله إلى ربه ومولاه.

تعليقات