الإخبارية نيوز :
في ساعة مصيرية ترتجف معها أوتاد النظام العالمي، تتصاعد صيحات الإنذار من عاصمة التنين، وينبعث صوت الفعل الحاسم من عروبة النيل، لسد الطريق أمام زلزال استعماري جديد يُحاك في مختبرات التوسع. إن القرار الصهيوني المفاجئ بالاعتراف بما يُسمى "أرض الصومال" ليس حدثاً عابراً، بل هو اختراق سافر لجسد الأمن القومي العربي والإفريقي، ومحاولة صريحة لتحويل ملتقى البحار إلى سوق للمقايضات الجيوسياسية. وفي قلب هذا المشهد الداكن، ينهض تحالف مصيري يجمع بين قوة الشرق المتعاظمة وإرادة القلب العربي، ليشكلا معاً سداً منيعاً أمام كل محاولات تشويه الخرائط وسرقة القرار.
المخطط في الظلام: اللعبة الكبرى على شاطئ باب المندب
بات جلياً أن التوقيع الإسرائيلي على وثيقة الاعتراف في ذلك اليوم من ديسمبر 2025، ليس سوى الورقة الظاهرة لشجرة مؤامرة غرسها تحالف صهيو-أمريكي في تربة القرن الأفريقي الخصبة. هذا الحدث يتجاوز بكثير إطار البروتوكول الدبلوماسي، ليكون عملية "زرع جيوسياسي" تهدف إلى إعادة هندسة موازين القوى في المنطقة. قراءة المشهد تكشف عن هدفين متلازمين: خنق المشروع الصيني العملاق "طريق الحرير" من الجنوب، وإقامة قاعدة دائمة للاستخبارات والقدرات البحرية الإسرائيلية على حافة المضيق الاستراتيجي. الأخطر من ذلك كله، كما تُلمح مصادر مطلعة، هو تحويل هذه البقعة إلى "ملاذ جغرافي" محتمل لعمليات التهجير القسري للفلسطينيين، في عملية لا أخلاقية تحوّل جرحاً إنسانياً إلى عملة مساومة.
صوت بكين الحازم: الرد الذي يعلو فوق الضجيج
لم تكن الصين لترمي بياناً عادياً في بحر التنديدات، بل أطلقت صاروخاً دبلوماسياً حاداً يخترق ضباب المناورات. كلمات الناطق الرسمي باسم الخارجية "لين جيان" جاءت قطعية لا تقبل التأويل: "لا مجال للمصالح الضيقة فوق مذبح وحدة الدول". الموقف الصيني، المدعوم بوزن اقتصادي وسياسي يهز الموازين، يُسقط أي محاولة لمنح الشرعية لهذا الكيان المزعوم في لعبة القرن الأفريقي. بكين تدرك أن النيل من سيادة الصومال هو بداية النيل من شبكة مصالحها الحيوية عبر المحيطات، وتؤكد من جديد أن "إقليم أرض الصومال هو جزء أصيل من الدولة الصومالية"، مطالبةً "جميع الأطراف الخارجية بالكف عن التدخل في الشؤون الداخلية".
مصر في الميدان: حراسة البوابة الجنوبية للأمة
لم تتردد القاهرة لحظة، فتحركت بسرعة البرق وبحسم السيف. مبادرة وزير خارجيتها بدر عبد العاطي لاستدعاء مجلس السلم والأمن الإفريقي في جلسة طارئة، تؤكد أن مصر ترى في هذا الفعل "خرقاً سافراً لكل المواثيق والأعراف الدولية". العقل الاستراتيجي المصري يرى أبعد من الحدود؛ فهو يدرك أن الخطر يتسلل نحو شريان الحياة العالمي "قناة السويس"، ويحاول إقامة كيان عميل على عتبات مصر الجنوبية. هذا التحرك ينبع من قناعة راسخة بأن حدود الأمن المصري تمتد إلى عمق الصومال، وأن السماح بوجود إسرائيلي معادٍ في القرن الأفريقي هو خطر وجودي لا يُتساهل معه.
الوعي الجمعي: صحوة الضمير في مواجهة دسائس الليل
وفي الوقت الذي تحيك فيه أجهزة التآمر خيوطها تحت جنح الظلام، تهب رياح الرفض الشعبي من كل حدب وصوب في الفضاءين العربي والإفريقي. هذا التجانس المصري-الصيني ليس تحالفاً ظرفياً، بل هو تعبير صادق عن إرادة جماعية ترفض استبدال "قانون الحق" بـ"قانون القوة". ما يتردد في وسائل الإعلام ومنصات التواصل يكشف يقظة شعبية تدرك أن المعركة القائمة هي دفاع عن الممرات المائية من القرصنة السياسية، وحماية لسيادة الأمم من مؤامرات التقسيم التي تُحاك في العواصم البعيدة.
النبض الشعبي: انتفاضة الأرض تمزق أوراق اللعبة
لقد شكلت المظاهرات الغاضبة التي خرجت في مدن "أرض الصومال" نفسها، رافضة الاعتراف الإسرائيلي، مفاجأة استراتيجية من العيار الثقيل. هذه الهبة الشعبية لم تكن صيحة عاطفية، بل كانت رسالة إدانة عالمية كشفت وهن الرهان الإسرائيلي على شراء الولاءات بقطع من الورق. لقد صرخ الشارع من قلب المعمعة برفضه لأن يكون سمساراً يبادل سيادة الأرض بوعود السراب، أو أداة تنفذ أجندات مشبوهة تحت راية الاستقلال المزيف. هذا الزلزال الشعبي يمنح قوة دفع هائلة للموقفين المصري والصيني، ويؤكد أن كل المخططات التي تُحاك في الغرف المغلقة في تل أبيب وواشنطن، مصيرها التحطم على صخرة الرفض الشعبي الذي يرى في المشروع الصهيوني كياناً معتدياً. لقد أثبتت الجماهير أن أخطر ما يواجه محاولات "إسرائيل" لترسيخ وجودها في البحر الأحمر، هو رفض الإنسان العادي أن يكون رقماً في معادلة الخيانة.
المواجهة المصيرية: لا مساحة للتراجع
وختاماً: وإذا كانت هبة الشارع الصومالي قد فضحت وهن المشروع من جذوره، فإن خريطة المعركة باتت مرسومة بوضوح: في جهة، قوى الشر التي تسعى لتعويض هزائمها الميدانية بانتصارات ورقية على جثث الأمم. وفي الجهة المقابلة، تحالف القيم الذي تقوده الصين حاميةً لمبادئ الشرعية الدولية، وتتصدره مصر مدافعةً عن عمقها الحضاري، ويسنده شعوبٌ ترفض أن تتحول أرضها إلى مختبر للتجارب التوسعية. الرسالة التي يطلقها هذا المحور الواثق واضحة لا لبس فيها: طريق البحار ليس سلعة في سوق المساومات، ومقدرات الأمم ليست أوراقاً في ألعاب القوى. اليوم، أكثر من أي يوم مضى، تؤكد الوقائع أن كلمات الصين لم تكن صوتاً في الفراغ، وأن خطوات مصر لم تكن حركة عابرة، بل هي عزيمة صادقة لتحطيم شوكة المؤامرات الدنيئة. الطريق طويل، لكن إيمان الجماهير بأن النصر حليف الحق هو السلاح الأقوى في مواجهة كل من يستسهل اللعب بثروات الأمم ومصائر الشعوب على ضفاف الممرات المائية الحيوية.







تعليقات
إرسال تعليق