القائمة الرئيسية

الصفحات


بقلم د كامل عبد القوى النحاس

الأديب : مصطفى صادق الرافعى نموذج


المقال الثاني :


هل تصنع الأكاديمية عبقرية؟…


 العقلية النقدية والفكرية لمصطفى صادق الرافعي:


العقلية النقدية: 


قاضي النصوص:


ليست الشهادات الجامعية وحدها ما يصنع العبقرية.


 في مصطفى صادق الرافعي نجد عقلًا متيقظًا، يقيم النصوص ويحكم عليها مستقلاً عن أي شهادة أو منصب،

 مستندًا إلى دقة الملاحظة والفهم العميق للنصوص.


 كل كتاب كان بالنسبة له تجربة متكاملة للتحليل، وكل جملة جزء من حكم متوازن يتجاوز حدود التدريس أو المنصب الرسمي.


"كل نص يعرض أمامه، يدرسه كما يدرس القاضي قضيته، يمعن النظر في ألفاظه ومعانيه، ولا يغفل أدق التفاصيل."


مثال من كتابه أسرار البيان:


"البلاغة حياة الجملة، ونبض الفكرة، لا يفهمها إلا من أصغى إلى روحها."


نشأ الرافعي كابن قاضٍ أزهري، 

وزرعت فيه هذه البيئة عقلية تحليلية دقيقة. تشجع على دراسة الأدلة وملاحظة التفاصيل وصنع حكم متوازن. 


عندما منعه المرض والإعاقة من سلوك طريق القضاء التقليدي، حوّل هذه المهارة إلى محاكمة النصوص الأكاديمية والمناهج والكتب الرسمية.


تحويل الألم والعزلة إلى أسلوب:


الإعاقة والعزلة لم تكسر عبقريته،

 بل صاغت له أسلوبًا فريدًا.


 عزلته الصارمة جعلته يركز على دقة الكلمات ووضوح المعنى،

 بحيث يصبح كل نص تجربة تعليمية للقارئ.


"العزلة ليست فراغًا، بل صقلٌا للفكر،

 وكل ألم يتحول إلى قوة تعبيرية تقوي النص."


مقارنة مع الأباء المعاصرين لعصره: 


طه حسين والعقاد


طه حسين:

 يعتمد على النقد الشكي والتحليل التاريخي، يتحقق من كل معلومة بدقة متناهية.


مثال:

 من كتابه في الشعر الجاهلي يقول:


"الشعر لا يُفهم إلا في ضوء العصر الذي وُلد فيه، وكل حكم على الماضي لا بد أن يُراجع وفق الأدلة."


وجه الدلالة المنهجية:


 التركيز على التحقق والتحليل النقدي كأداة أساسية لبناء معرفة دقيقة، ورفض قبول النصوص على ظاهرها دون دراسة الأدلة وسياقها التاريخي.


العقاد:

 يميل إلى التجريب والخيال الحر، يغوص في النصوص بحرية مستلهمة من الروح والإبداع.


مثال من كتاباته الأدبية القديمة:


"الكاتب الحق هو من يجعل النص ينبض بالحياة، كما لو كان يعيش معه كل لحظة من لحظات الإبداع."


وجه الدلالة المنهجية:

 اعتماد الحرية الإبداعية في استكشاف النص وإضفاء روح الحياة عليه دون قيود جامدة، ومراعاة التفاعل الفني مع النص.


الرافعي:


أمثلة متتالية من كتاباته:


أسرار البيان:


"البلاغة حياة الجملة، ونبض الفكرة، لا يفهمها إلا من أصغى إلى روحها."


أحلام الماضي:


"كل كلمة نطقها العرب كانت جذرًا لمجد، وكل نص صاغوه مرآة للأمة."


مثال يوضح رفضه للتبسيط المخل:


"من يقلل من جمال البيان يقتل روح المعنى ويهدم البناء الذي أراده الكاتب."


وجه الدلالة المنهجية:


 يجمع الرافعي بين الصرامة التحليلية والروح البلاغية، فيمزج دقة التدقيق العقلية مع الجاذبية الفنية للبلاغة،


 فيصبح النص واضحًا وعميقًا في الوقت نفسه، محافظًا على كماله اللغوي والفكري، ويصل إلى عقل القارئ وقلبه معًا.


الدروس المستفادة:


العبقرية لا تصنعها الشهادات وحدها، 

بل العقل النقدي والقدرة على الحكم المستقل.


التحليل الدقيق والتمحيص في النصوص أداة لبناء الوعي والفكر.


الألم والعزلة يمكن أن يتحولا إلى قوة أسلوبية إذا وظف الكاتب تجربته بحكمة.


دمج الصرامة النقدية بالبلاغة يولد نصوصًا تصل للقارئ بالقلب والعقل معًا.


خاتمة:


 استقلالية المقال:


هذا المقال يُظهر أن الرافعي صنع لنفسه مسارًا مستقلاً يجمع بين العقل الصارم والقلب المتأثر، 

ويثبت أن العبقرية تُصنع بالتحليل واللغة والوعي، لا بالشهادات وحدها.


خاتمة: 


"الرافعي يثبت أن العبقرية ليست ثمرة شهادة، بل ثمرة عقل يقظ، وقلب واعٍ، وتجربة شخصية مُستثمَرة بحكمة."


تمهيد للمقال الثالث :


المقال القادم سيركز على اللغة عند الرافعى هوية لا أداة،

 ليوضح كيف 

حوّل اهتمامه بالتحليل والدقة إلى فلسفة لغوية تحمي العربية من الانحراف نحو العامية أو التقليد الأعمى للغات الأجنبية.

تعليقات