القائمة الرئيسية

الصفحات

حرب باردة عربية وصراع المصالح والمستفيد الخفى



كتب/ أيمن بحر 


تشهد المنطقة العربية مرحلة خطيرة من التوتر غير المسبوق بعدما تحولت الخلافات السياسية بين السعودية والإمارات من تنافس مكتوم إلى مواجهة عسكرية مباشرة على الأرض اليمنية فى تطور يهدد ما تبقى من تماسك عربى ويكشف حجم التفكك الذى أصاب التحالفات الإقليمية

الضربة الجوية السعودية التي استهدفت شحنات أسلحة إماراتية كانت متجهة إلى ميناء المكلا لقوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لم تكن حدثا عابرا بل تمثل لحظة فارقة تؤكد أن الصراع لم يعد خلاف رؤى بل صدام مصالح ونفوذ بين دولتين كانتا حتى وقت قريب حليفتين فى حرب واحدة تحت عنوان الحفاظ على وحدة اليمن

منذ عاصفة الحزم عام 2015 تشكل تحالف عربي لمواجهة الحوثيين بدافع حماية الأمن القومى السعودى لكن انسحاب الإمارات لاحقا واتجاهها لدعم قوى انفصالية فى جنوب اليمن كشف اختلاف الأهداف بين الطرفين حيث رأت الرياض فى وحدة اليمن خط دفاع استراتيجى بينما نظرت أبوظبى إلى الجنوب باعتباره بوابة نفوذ بحرى وتجارى طويل المدى

اليمن في الحسابات الإقليمية لم يعد دولة واحدة بل ساحة صراع بين مشروعين الأول تدعمه السعودية عبر الحكومة الشرعية لحماية حدودها الجنوبية والثاني تقوده الإمارات عبر المجلس الانتقالى سعيا للسيطرة على الموانئ والممرات البحرية من باب المندب إلى خليج عدن

هذا الصراع لا يهدد اليمن وحده بل ينعكس على أمن المنطقة بالكامل ويضرب استقرار البحر الأحمر وقناة السويس ما يجعله تهديدا مباشرا لمصر التى تعتبر الملاحة البحرية جزءا أصيلا من أمنها القومى

وسط هذا المشهد المعقد يبرز المستفيد الأكبر وهو إسرائيل التي تجد فى الصراعات العربية العربية فرصة ذهبية لتوسيع نفوذها فى البحر الأحمر والقرن الإفريقي وتطويق مصر والسعودية وإشعال بؤر توتر جديدة تستنزف المنطقة دون أن تطلق رصاصة واحدة بنفسها

المشهد الحالى يؤكد أن التحالف العربي الذي قام على المصالح المشتركة تفكك وأن الحسابات الضيقة أصبحت هى الحاكمة حتى لو كان الثمن هو وحدة العرب وأمنهم القومى المشترك

ما يحدث اليوم ليس مجرد خلاف سياسي بل إنذار خطير بأن استمرار هذا المسار سيقود المنطقة إلى فوضى مفتوحة لن ينجو منها أحد سوى أعداء الأمة وفي مقدمتهم الصهاينة الذين لا يعيشون إلا على انقسام العرب وتناحرهم

والخلاصة أن ما تمر به الأمة العربية اليوم يستدعى وقفة صادقة قبل فوات الأوان فالصراع بين الإخوة لا يصنع نصرا بل يفتح الأبواب أمام من يتربص بالجميع ويحول الأوطان إلى ساحات تصفية حسابات بينما يضيع العدو الحقيقى فى الزحام

تعليقات