حين يشتد الليل لتولد أنت من عتمته من جديد

بقلم/نشأت البسيوني 

حين يشتد الليل لتولد انت من عتمته من جديد تلاقي نفسك واقف جوه لحظة محدش يقدر يوصفها غيرك لحظة كل حاجة فيها ساكته إلا قلبك وكل الطرق شكلها مقفول وكل الاضواء مطفية وكل الوجوه اللي كانت حواليك اختفت فجأة وساعتها تعرف انك في اختبار عمرك الاختبار اللي هيقيس صبرك وهيعري حقيقتك وهيطلعك من بين الضلوع القديمة لإنسان تاني ملامحه اتغسلت 

بوجع كبير لكن بوعي اكبر ولما تبص حوالينك هتلاقي ان اكتر الناس اللي كنت فاكرهم سند كانوا مجرد ظل بيبان مع الضوء ويختفي مع اول غيوم وان اكتر الكلمات اللي كانت بتتقال لك كانت للاستهلاك مش للصدق وان الضحكات اللي كنت بتشوفها كانت وش تاني لخوف وغيرة وحسابات وان مفيش حد فعلا كان شايف روحك غيرك انت ومع اول صدام بينك وبين الحقيقة الجديدة 

هتحس بوجع يشبه انك بتتولد من غير ما حد يساعدك بتتكون من جديد من غير ما حد يهون عليك بتقوم من غير ما حد يمد ايده وده اصعب لكن ده الثمن الحقيقي للنضج الثمن اللي بيخليك تفهم انك ماينفعش تفضل في علاقة نصها وجع ونصها تضحية وانك ماينفعش تدي اكتر من طاقتك لناس عمرهم ما كانوا هيضحوا بربع خطوة علشانك وانك ماينفعش تفضل تستنى تقدير من قلوب 

مابتعرفش تشوف غير نفسها ومع كل ليلة تقيلة هتكتشف ان العتمة مش عتمة العتمة دواء بيفرز من جوهك نور جديد نور بيكشف لك قيمة نفسك اللي كنت ناسيها وبيطلع لك شجاعة مكنتش عارف انها موجودة وبيفك عنك تعلقك بالعثرة اللي كنت فاكرها مصيرك وبيرجع لك احترامك لنفسك اللي كان بيتسحب منك واحدة واحدة وانت مش واخد بالك وتبدأ رحلة ارجع لنفسك رحلة فيها هدوء 

بس الهدوء ده مش هدوء ضعف ده هدوء قوة هدوء حد فهم اللعبة وفهم الوجع وفهم البشر وفهم انك لازم تكون حصن نفسك الاول وانك لازم تبعد عن كل باب ما جابش غير خسارة وعن كل شخص ماعرفش قيمتك وعن كل علاقة كنت بتحارب فيها لوحدك وعن كل وجود كان حمل مش سند وعن كل كلمة كانت سم مش دعم ومع مرور الوقت هتلاقيك واقف فوق جبل ماطلعتوش بإيد حد طلعتوه 

بوجعك بصلابتك بخطواتك اللي مكنتش ثابتة في الاول بس كانت صادقة وهتلاقي قلبك اللي كان ضعيف بقى اقوى وروحك اللي كانت مكسورة بقت اعمق ودماغك اللي كانت مشوشة بقت اوضح وهتعرف ان كل اللي راح كان لازم يروح وان كل اللي اتاخد منك كان حماية وان كل اللي انكسر فيك كان بيعيد تشكيلك لنفسك اللي المفروض تكونها مش اللي حاولت ترضي بيها حد وفي نهاية 

الطريق ده هتقف قدام المراية وتشوف النسخة اللي كنت بتدور عليها طول عمرك النسخة اللي متصالحة وواثقة ومش محتاجة تصرخ علشان تتشاف ولا محتاجة تبرر علشان تقبل ولا محتاجة تتنازل علشان تفضل موجودة النسخة اللي فاهمة ان الحب مش معركة والكرامة مش خيار والبعد مش ضعف والاختيار مش صدفة وساعتها بس هتعرف ان الليل اللي شد عليك كان مولدك الحقيقي 

وان العتمة اللي خوفتك كانت رحم جديد خرجت منه روح اقوى وانضج واعقل واقدر على ان تكمل طريقها من غير ما ترتعش ومن غير ما تنحني ومن غير ما تستنى يد تمسك يدك لان النور الحقيقي مش اللي يجي من الدنيا النور الحقيقي اللي يولد من جواك واللي جاي كله خير لما تكون انت جاهز تستقبله