الأديبة والمفكرة
الدكتورة حكيمة جعدوني.
من كتاب: تأويل الأحرف في القرآن الكريم.
كلمة: رقبة.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ (سورة البلد – 13)
حين يمرّ القارئ على هذه الآية، يتلقّاها في معناها المتداول المتعلّق بعتق الرقاب، بينما يفتح التدبّر بابا أوسع لفهم الإشارة القرآنية بوصفها حمّالة لمعانٍ متعدّدة، تتجاوز الظاهر إلى عمق الرمز والدلالة.
كلمة فكّ تحمل إشارة زمنية استشرافية، وتدلّ على فعل تحرّر، يتصل بإبطال القيد وفكّ السحر.
أما رقبة، فتتكوّن من أربعة أحرف:
ر – ق – ب – ة.
الحرف ر يرمز إلى رجل وإلى رسول، لوروده في مطلع الكلمتين، بما يحمله من دلالة على الفاعل في الآية.
وورود كلمة رقبة بصيغة المفرد يكشف عن تعيينٍ دقيق لشخصٍ واحد، رجلٍ رسول، يتعلّق به فعل الفكّ والتحرير.
ويحيل الحرف ب إلى موضعٍ جغرافي ذي رمزية، مرتبط بالبحر القريب من أرض العقبة، حيث يتجاوز القدر الجغرافيا.
كلمة: العقبة.
بعد أن تمّ فكّ السحر عن الرجل الرسول، وتحرير جسده المبارك، وإخراجه من البحر، ثم دفنه في أرض العقبة تحت حراسة جندٍ من الملائكة، جاء الأمر الإلهي بالانتقال إلى أرضٍ أخرى، هي أرض إبراهيم عليه السلام، تنفيذًا لقوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ (سورة البلد – 11).
يحمل الاقتحام معنى المواجهة الكونية بين جنود الملك القائم وجنود الملك الشيطان، أولئك القائمين على حراسة السحر أو كما يطلق عليهم خدّام السحر الشيطاني، وقد تمكّن الملك القائم، بعون الله، من كسر الحراسة وتحرير الرجل الرسول.
ثم يأتي السؤال القرآني الكاشف:
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ (سورة البلد – 12)
لتفهم العقبة على أنها أرض ثانية، مرمّزة في الكلمة ذاتها.
كلمة العقبة تتكوّن من ستة أحرف:
أ – ل – ع – ق – ب – ة
الع ق تشير إلى مدينةٍ مستقبلية، وبإتمام الحروف تتجلّى العراق.
وب ة تُفضي إلى معنى باب الإله.
تتّضح الإشارة الإلهية بتوجيه الملك القائم نحو العقبة الثانية، أرض السحر الكبرى، الكائنة في العراق، في بلاد باب الإله، حيث قامت بابل، وحيث وُجد إبراهيم عليه السلام.
ومن هنا جاءت تسميتها بالعقبة الثانية، كونها موضع مركزي للسحر.
بهذا الفهم، تتجلّى كلمتا رقبة وعقبة كرمزين يتجاوزان التفسير الظاهري، ويفتحان أفقا جديدا للقاء متجدّد مع معاني كتاب الله العزيز.
،؛، دمتم يقظين، تفلحوا.،؛،
تحياتي لإدارة جريدة بوابة الاخبارية نيوز الراقية،
وبالتوفيق والسداد للجميع.

تعليقات
إرسال تعليق