القائمة الرئيسية

الصفحات

ومازال مسلسل الإرهاب مستمرًا



كتب لواء دكتور/ سمير فرج

متابعه أحمد القطعاني 

 


أكد اللواء سمير فرج أن ما زال الإرهاب يضرب في بقاع متفرقة من العالم، مؤكّدًا أن هذه الظاهرة لم تنتهِ بعد، رغم كل الجهود الأمنية والعسكرية التي تبذلها الدول لمواجهتها. ففي مشهد مفاجئ، شهدت أستراليا هجومًا إرهابيًا دمويًا نفذه ثلاثة أشخاص، استهدف الجالية اليهودية خلال احتفالات عيد الأنوار اليهودي (الهانوكا)، ما أسفر عن مقتل 16 شخصًا وإصابة نحو 40 آخرين، إثر إطلاق نار عشوائي على أحد الشواطئ الشهيرة بمدينة سيدني.


ووفقًا للتقارير الإعلامية، وقع الهجوم على شاطئ بوندي، أحد أكثر الشواطئ ازدحامًا في سيدني، خاصة أيام الأحد، حيث قُدّر عدد المتواجدين وقت الحادث بنحو 2000 شخص. وقد أثار الهجوم حالة من الذعر والصدمة داخل المجتمع الأسترالي، في وقت سارعت فيه السلطات إلى فتح تحقيق موسّع لكشف ملابسات العملية ودوافعها.


وفي أعقاب الهجوم، وجّهت إسرائيل اتهامات مباشرة لإيران بالوقوف وراء التخطيط للعملية، معتبرة أن الهجوم يأتي ضمن سلسلة من العمليات التي تستهدف مصالح وجاليات يهودية حول العالم، في إطار صراع سياسي وأمني متشابك تجاوز حدود الشرق الأوسط ليصل إلى دول بعيدة جغرافيًا مثل أستراليا.


ولم يكن هذا الحادث منفصلًا عن موجة العنف التي شهدتها الولايات المتحدة في الفترة نفسها، حيث وقعت حادثة إطلاق نار داخل جامعة براون الأمريكية يوم السبت الموافق 13 ديسمبر. فقد أطلق مسلح النار داخل أحد الفصول الدراسية، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة تسعة من الطلاب، جميعهم من طلاب الجامعة، في حادث وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول تعليق له، بأنه “حادث فظيع ومأساوي”.


وكشفت التحقيقات أن منفذ الهجوم يُدعى بنيامين آركن، ويبلغ من العمر 24 عامًا، وكان يعمل ضابط احتياط في مجال الأمن السيبراني بالجيش الأمريكي. وأوضحت السلطات أن دوافع الهجوم لا تزال قيد التحقيق، وسط تساؤلات متزايدة حول تصاعد العنف المسلح داخل المؤسسات التعليمية الأمريكية.


وتُعد حادثة جامعة براون امتدادًا لسلسلة طويلة من الهجمات الإرهابية وحوادث إطلاق النار التي شهدتها الولايات المتحدة خلال السنوات الماضية. فقد وقعت حادثة إطلاق نار في جامعة باكنغهام في فبراير 2023، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة خمسة آخرين. كما شهدت جامعة نيفادا في ديسمبر 2023 حادثًا مشابهًا أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.


وإذا ما عدنا إلى الوراء، نجد أن الجامعات لم تكن يومًا بمنأى عن الإرهاب والعنف المسلح؛ ففي جامعة فرجينيا للتكنولوجيا عام 2007 قُتل أكثر من 30 شخصًا في واحدة من أسوأ حوادث إطلاق النار في التاريخ الأمريكي. كما شهدت جامعة فلوريدا في أبريل 2025 حادث إطلاق نار أدى إلى مقتل شخص وإصابة ستة آخرين، بالإضافة إلى حوادث متفرقة في جامعات أخرى، كان آخرها حادثة جامعة براون، التي أعادت الجدل مجددًا حول أمن الجامعات وانتشار السلاح.


وعلى الجانب الآخر من العالم، لم تكن منطقة الشرق الأوسط بعيدة عن هذا المشهد الدموي، إذ عانت مصر، وخاصة شبه جزيرة سيناء، من موجات متلاحقة من العمليات الإرهابية خلال العقدين الماضيين، استهدفت المدنيين وقوات الأمن على حد سواء.


من أبرز هذه العمليات المبكرة تفجيرات طابا ونويبع، التي وقعت في 7 أكتوبر 2004، حيث استهدفت تفجيرات بسيارات مفخخة فنادق سياحية في جنوب سيناء، وأسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصًا، معظمهم من السائحين، في محاولة لضرب قطاع السياحة المصري. واستمرت العمليات الإرهابية في سيناء ست سنوات كاملة.


وكان ذلك بتخطيط وتنفيذ جماعة أنصار بيت المقدس، والتي غيرت اسمها لاحقًا إلى ولاية سيناء. ومع وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي لتولي السلطة في البلاد عام 2014، بدأت مصر عمليات مركزة ضد الإرهاب، أطلقت عليها مصر العملية الشاملة سيناء.


وقد نجحت مصر في القضاء على الإرهاب، بعدها اتخذ الرئيس السيسي استراتيجية تأمين سيناء من خلال التنمية والاستثمار. وبدأت الدولة بحفر الأنفاق الخمسة، وزراعة نصف مليون فدان، وتطوير ميناء العريش ليصبح أكبر ميناء حاويات في البحر المتوسط، وإنشاء مصانع الرخام بالجفجافة، ومصانع الأسمنت، وتطوير بحيرة البردويل، وغيرها من المشروعات القومية.


وعاد السلام إلى سيناء، لتكون مصر من أوائل الدول التي قضت على الإرهاب.


كل هذه الأحداث تكشف المتتالية أن الإرهاب لم يعد مرتبطًا بدولة أو منطقة بعينها، بل أصبح ظاهرة عابرة للحدود، تستهدف المدنيين والمؤسسات التعليمية والسياحية والأمنية دون تمييز. كما تؤكد أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي، وأن هناك حاجة ماسة لمعالجة الجذور الفكرية والاجتماعية والسياسية التي تغذي هذا الفكر المتطرف.


ويجب هنا أن نؤكد على ما سبق وأعلنه الرئيس السيسي دائما أن الإرهاب لن يتوقف وأنه يجب أن تتكاتف الدول كلها معا في خطة شاملة متعاونة للتصدي والقضاء عليه. 


وفي ظل استمرار هذا المسلسل الدموي، يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيظل العالم يواجه الإرهاب بردود فعل متأخرة، دون استراتيجية شاملة قادرة على تجفيف منابعه ومنع تكرار مآسيه؟

تعليقات