بقلم :محمد حسني محمود
لمّا الدنيا اتعكت، القلم نفسه اتعقّد.
واقِف فوق الورقة كإنه واقف على أطراف أصابعه، خايف يسيب أثر، وخايف يبان إنه مش قدّ المهمة... الورقة قدّامه بيضا… مش بريئة، لأ… بياض مُستفِز، بياض بيقول“هات اللي عندك… ولا هتتهرب؟”
وأنا بين الاثنين، واقف زي الحكم في ماتش مالوش قواعد.
بقوّل لنفسي هو أنا لسه قادر أكتب؟
ولا اللي حواليا سرقوا معنى الكلمة؟
بقالي سنين ببدأ الجملة نفسها… نفس البداية… نفس التنهدة اللي قبل الكلام.
كأن الجملة بقت عادة… أو لعنة متكررة كل ما أحاول أدوّر على معنى في وسط الفوضى...إحنا مش بس بنشوف عالم مشوه…إحنا بقينا نعيشه، نتنفسه، نسمعه، ونضطر نعدي عليه كل يوم وإحنا شايلين روح حساسة أكتر مما تستحمل.
المشهد كله بقى مزيف لدرجة إن الجماد بقى عنده قدرة يحكي أكتر من البشر.
الحجر بيشتم، الحديد بيغضب، الزجاج بيتكسّر من غير ما حد يلمسه…
وإحنا؟إحنا بنتكسر من جوّا ومن برّه… بس في صمت.
الكلمة ملوّثة،الصوت ملوّث،النظر ملوّث، والقلب… اتلوّث من كتر ما حاول يفضّل نظيف..وبين ما القبح اتولد في كل زاوية،
حسّيت إن الحبر نفسه بقى ضعيف…
كأنه بينزف بدل ما يكتب…كأنه بيفيض على الورقة من غير معنى…“حبر مثقوب”،
زيّ روح الواحد لما تتجرح ومتعرفش تلمّ.
وقفت…وقفت كتير…ومكنتش عارف أكمل.
مش عشان مفيش كلام…لأ… عشان الكلام بقى تقيل،.تقيل لدرجة إن القلم يتحرّج يكتبه.لكن، رغم كل ده…لسه في حاجة جوانا بترفض تستسلم.في جزء صغير… عنيد…بيقول“اكتب… حتى لو كانت الكتابة نفسها مش عايزة تتكتب.”
اكتب…لأن الحبر لو مات، أنت اللي هتموت.
ولو الورقة فضلت بيضاء، مش معناها إنها نظيفة…ده معناها إنك سكت..وأنا…لسه برفض أسكت.

تعليقات
إرسال تعليق