القائمة الرئيسية

الصفحات


بقلم/نشأت البسيوني 


هناك لحظات في حياة الإنسان تأتي بلا سابق إنذار تحمل معها شعورا بالثقل وبالفرح في الوقت نفسه لحظات لا تشبه أي لحظة مرت من قبل لحظات يكتشف فيها الإنسان أنه ليس وحيدا رغم كل العزلة التي يفرضها عليه العالم أنه هناك شخص آخر يشعر بما يشعر به يفكر بما يفكر به يواسيه حين ينهار ويضحك معه حين يفرح وتصبح الكلمات مجرد جسر يربط بين قلبين وروحين لا يعرفان 


كيف تفرقا ولا يريدا ذلك في تلك اللحظات يتغير العالم حول الإنسان تصبح التفاصيل الصغيرة لها معنى تصبح النظرات العابرة لها وزن تصبح الرسائل والابتسامات جزءا من وجوده اليومي يصبح كل شيء يلمسه كل شيء يراه وكل شيء يسمعه مرتبطًا بهذا الشخص الآخر وكأن العالم كله أصبح خلفية لما يجمعهما من شعور ومهما حاول الزمن أن يبعدهما أو يضع الحواجز أمامهما تظل 


الروحان على اتصال دائم كأنهما يعرفان الطريق إلى بعضهما البعض حتى لو لم يكن هناك لقاء وهكذا تمضي الأيام وتتشابك الحكايات وتزداد تعقيدا وتزداد المشاعر عمقا ويتعلم كل واحد منهما كيف يكون موجودا للآخر بدون أن يتجاوز حدود الواقع بدون أن يكسر التزامات الحياة بدون أن يخلق جروحا إضافية يعرف كل منهما أن الحب الحقيقي لا يحتاج دائما إلى لقاء جسدي يحتاج إلى فهم 


يحتاج إلى صبر يحتاج إلى تواجد مستمر حتى لو كان عبر الهاتف أو رسالة قصيرة أو مجرد شعور داخلي بالآخر ويظل كل منهما يحمل الآخر في داخله يعيش يومه على تذكر وجوده يضحك على أمور بسيطة لأن قلبه يعرف أن هناك من يشاركه ذلك يواسي نفسه حين تنهار ضغوط الحياة لأنه يعلم أن هناك من يسمعه يشارك فرحه ووجعه ويعرف أن هذا الرابط لا يمكن لأي شيء أن يحطمه 


مهما كانت الظروف صعبة أو المسافة بعيدة ومع مرور الوقت تصبح كل كلمة وكل لحظة وكل إحساس متراكمة في داخلهما كأنهما يعيشان حياة واحدة متصلة تتجاوز كل القيود كل الحدود كل الظروف الصعبة وكل محاولة من العالم لفصلهما تصبح تلك المحاولات بلا جدوى لأن الروح لا تعرف القيود الروح تعرف فقط من يحبها ومن تحب هي وتتعلق بشيء أكبر من كل الأشياء المادية 


التي يمكن أن تتحكم فيها ورغم أن كل واحد منهما قد يكون مرتبطا بالآخرين بحياة رسمية وعلاقات واجتماعية إلا أن الروح لا تكذب والقلوب لا تخدع وكل لحظة يلتقي فيها شعورهما تكون أقوى من أي التزام خارجي أو قانون أو ظرف اجتماعي فتظل الروحان مرتبطتين بطريقة لا يمكن لأحد أن يراها إلا هما وحدهما طريقة لا تحتاج لكلمات بل تحتاج لشعور تحتاج لفهم عميق تحتاج 


لصبر لا ينتهي وفي هذه الحكاية لا يمكن أن يكون هناك مكان للكراهية أو الغضب الحقيقي هناك فقط محاولة للتوازن هناك فقط شعور بالحب الذي يتجاوز كل شيء هناك صمت يملأ المكان بينهما صمت يحمل رسائل ورسائل تحمل أمان وحياة ورسائل تعلم الإنسان كيف يحب وكيف يعيش وكيف يظل متصالحا مع العالم ومع نفسه ومع الشخص الذي أصبح جزءا من كيانه الروحي وهكذا 


يمضي كل يوم وكأنهما يعرفان أن الحب الحقيقي ليس عن امتلاك أو السيطرة أو التملك الحب الحقيقي عن التواجد عن الدعم عن الشعور العميق عن مشاركة الحياة كما هي مع كل تعقيداتها مع كل مشاعرها مع كل تقلباتها مع كل ما هو صعب ومفرح ومؤلم ومليء بالرهبة والدهشة معا كأنهما يعيشان في عالم آخر لا يراه أحد ولا يفهمه أحد إلا هما وحدهما وهوما معا يعيشان حبا أعمق من أي 


كلمة يمكن أن تصف أو أي لقاء يمكن أن يجمعهما حبا يتجاوز حدود المكان والزمن يتجاوز كل التزامات الحياة اليومية يتجاوز كل ما قد يفرضه المجتمع أو الظروف أو المسافات وهذا الحب يجعل كل يوم جديد فرصة جديدة للتقارب في المشاعر في الدعم في الفهم في الحنان في الصمت المملوء بالمعنى في المسافة التي تصبح قريبة مهما كانت بعيدة وفي التمني المتواصل للقاء ولو للحظة 


قصيرة ولو للحظة تعيد التوازن للحياة الروح هنا تعلقت بالروح هنا القلب يعرف قلب الآخر هنا كل لحظة صعبة تصبح أخف وكل فرحة تصبح أكثر عمقا وكل دمعة يجد فيها الدعم والراحة وكل لحظة انتظار تصبح فرصة لفهم الحب الحقيقي الذي لا يموت ولا يضعف مهما طال الزمن مهما صعبت الحياة ويزداد هذا الحب عمقا مع مرور الأيام كل كلمة يتبادلها كل صوت يسمعانه كل رسالة تصل 


بينهما تزيد الترابط بينهما وتزيد إدراك كل منهما لقيمة الآخر وتصبح كل لحظة انتظار تحمل معاني أوسع وأعمق وتصبح كل مشاعر مخفية مضاءة بضوء جديد يذكرهما أن ارتباطهما ليس عابرا وأن صمتهما يحمل أكثر مما يمكن للكلمات أن تصفه وأن كل تحد في حياتهما مهما كان صعبا يمكن تجاوزه لأن الرابط بينهما أقوى من كل الظروف والمخاوف وكل يوم يمضي يجمعهما أكثر مع كل تفاصيل 


الحياة اليومية مع كل ألم وصبر وفرح وحزن وكل ما يعلمهما أن الحب الحقيقي موجود رغم كل القيود رغم كل العوائق رغم كل ما يفرضه الواقع عليهما وهما معا يعرفان أن اللقاء مهما طال انتظاره ومهما كانت الظروف المحيطة به سيكون لحظة تثبت لهما أن كل شيء عاشاه من شعور وانتظار وصبر كان يستحق وأن الروح عندما تجد الروح الأخرى لا شيء يستطيع فصلهما وهما معا يعرفان أن 


الألم والحياة والتحديات والقيود لم تقلل من عمق ارتباطهما بل زادته وضوحا وزاد إدراكهما لقيمة اللحظات الصغيرة والتفاصيل اليومية التي تجمع بينهما وأن كل يوم يمر هو فرصة جديدة لفهم بعضهما البعض أكثر وأن الحب ليس فقط شعور بل هو صبر هو تفهم هو التزام روحي وهو التعلق بالآخر بطريقة تتجاوز كل القيود وكل الظروف وهكذا تنتهي الحكاية عند هذه اللحظة مع العلم أن 


كل لحظة عاشوها وكل شعور تبادلوه وكل انتظار وتحمل وصبر كان ومازال يشكل حجر الأساس لحب لن يموت وروحين ستبقيان مرتبطتين مهما ح

اول العالم أو الزمن أو الظروف

تعليقات