القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة وعبرة: كما تدين تُدان… والعرق دساس

 هنا نابل/

بقلم المعزّ غني




يُحكى — في زمنٍ بعيد كان الناس فيه يُربّون القلوب قبل الأبناء — أنّ رجلاً تزوّج حديثاً ، وفي اليوم الأوّل من زواجه جلس إلى المائدة مع أمّه وزوجته. 

وحين قدّمت الزوجة الطعام ، دفع الزوج بأكبر نصيب إلى زوجته ، وأولى لها إهتماماً كبيراً لأنها “عروس اليوم الأول”، بينما قدّم لأمّه شيئاً يسيراً وبلا أدنى التفاتة …!


الزوجة — وكانت حكيمة أصيلة وعميقة النظر — لم تُعجبها تلك القسمة التي تكشف عن أصل المرء وطبعه. 

فقالت له بهدوء العارفين: "طلّقني الآن…"

فارتبك الزوج ، وأنكسرت هيبته ، وراح يتوسّل إليها أن تتراجع ، وسألها: "ما سبب طلبك للطلاق؟"

فأجابته بصوت لا يشوبه غضب ، بل تغلّفه حكمة عميقة:" العرق دساس … ولا أريد أن أنجب منك ولداً يهينني كما أهنت أمّك!"


نعم … بعض النساء حين يفضلهنّ أزواجهنّ على أمّهاتهم يظنّن أنهنّ ربحنَ المعركة ، وأنهنّ حزنَ الراحة والطمأنينة ، وينسين أن الحياة دوّارة … وأن ما نزرعه اليوم نقطفه غداً .


فانفصلت عنه ، ورزقها الله زوجاً صالحاً بارّاً بأمّه ، فبارك الله في بيتها ورزقها أولاداً ذكوراً وإناثاً صالحين ، نشأوا على البرّ والتربية الطيبة .


 مرت الأيّام والسنين …

وكانت ذات يوم راحلة على ناقة ، يجتهد أبناؤها في العناية بالهودج حولها كي لا تتعب ولا تملّ. 

وفي الطريق لمحَت قافلة يتبعها رجل كبير في السن ، حافي القدمين ، يمشي خلف الركب لا يسأل عنه أحد. 

رقّ قلبها وقالت لأولادها: "ائتوني بهذا الرجل …"

فجاؤوا به ، فلما رأته عرفته ، وقالت بهدوء :

"هل عرفتني؟"

فقال: "لا."

قالت: "أنا زوجتك السابقة … ألم أقل لك يوماً : العرق دساس؟ كما تدين تدان … أنظر إلى أولادي ، كيف يبرّون بي ويعتنون بي. وأنظر إلى حالك… أين أبناؤك؟"

ثم التفتت إلى أبنائها وقالت :

"أعتنوا به … فهي قربة إلى الله تعالى."


•••

■ ملاحظة هامة من ■

رسالتي … إلى كل زوجة :

لا تفرحي إن رأيتِ زوجك يهين أمّه لأجلك؛ فاليوم ينتصر لك ، وغداً – حين تكبرين ويكبر هو – ستدور الدائرة.

 أتركيه يبرّ أمّه ، بل كوني عوناً له على برّها ، فالبرّ لا ينقص من مكانتك ، بل يرفع قدرك .


ورسالة إلى كل زوج :

كما تحبّ أن تُعامل أمّك ، عامل أمّ زوجتك.

 واترك زوجتك تبرّ أمّها ، فإن الحياة قصيرة ، والأيام لا ترحم ، وما تزرعه يعود إليك ولو بعد حين .


وكما تدين … تُدان .

وما ضاع عند الله شيء ، وما رضا الله إلا في رضا الوالدين .

اللهم أرحم والدي كما ربياني صغيرا 

اللهمّ أشهد … لقد بلّغت.


 بقلم المعزّ غني

عاشق الترحال وروح الاكتشاف

تعليقات