القائمة الرئيسية

الصفحات



بقلم/نشأت البسيوني 


هناك نوع من الإرهاق يا صديقي

لا تراه العيون ولا تفهمه الكلمات

إنه تعب يسكن في أعماق القلب

يتسلل بصمت بين اللحظات

يطفئ البريق في النظرات

ويجعل الفرح يبدو كشيء بعيد لا يطال

ذلك التعب ليس من العمل

ولا من الناس

بل من الصراعات الخفية التي نخوضها كل يوم مع أنفسنا

من التظاهر بالقوة

من محاولة البقاء واقفين رغم كل الانكسارات

من حمل أثقال لا ترى

وأوجاع لا تقال

كم مرة يا صديقي ابتسمت لتخفي وجعك

كم مرة قلت لا بأس

وأنت تغرق من الداخل

كم مرة فتحت نافذة الأمل

فلم يدخل سوى هواء بارد من الخيبة

حين يسكن التعب ملامح القلب

لا تعود التفاصيل الصغيرة تبهجنا كما كانت

ولا تعود الكلمات الدافئة كافية

ولا يصبح الليل صديقا كما كان

بل يتحول الصمت إلى ملاذ نلوذ به من ضجيج العالم

نبحث فيه عن معنى واحد ينقذنا من الفوضى

فنجد أننا نحن الفوضى ذاتها

يا صديقي

التعب الحقيقي ليس ما يرى

بل ما يكتم

ذلك الذي يسرق منا الشغف

ويتركنا نمارس الحياة آليين

كأننا نحيا فقط لأننا لم نجد بديلا للمضي

لكن رغم ذلك

يبقى فينا شيء صغير لا يهزم

قبس ضوء خافت

يبعث في القلب همسة ما زلت هنا

وربما في تلك الهمسة

تسكن نجاتنا

لأن القلب مهما أثقله الحزن

يظل يعرف طريقه نحو الضوء

يعرف أن الله لا يترك أحدا تائها في العتمة

وأن التعب مهما طال

سينتهي ذات فجر قريب

حين تشرق الراحة على الأرواح المرهقة

فاصبر يا صديقي

ولا تخف من تعبك

دعه يمر ولا تجلد نفسك على الضعف

فالقلوب الكبيرة تتعب لأنها تشعر كثيرا

لكنها أيضا تشفى لأنها تؤمن كثيرا

وحين يسكن التعب ملامح القلب

يكفي أن ترفع نظرك إلى السماء

وتقول

يا رب

لقد حاولت فامنحني راحة تليق بهذا القلب الذي تعب بصمت

ولم يزل رغم كل شيء

يؤمن أن بعد الليل فجرا

وبعد الوجع حياة

تعليقات