القائمة الرئيسية

الصفحات

الباحث السياسي محمود أبو الحمد يكتب : عظمة التلاوة فى برنامج «دولة التلاوة»

 

الباحث السياسي محمود أبو الحمد يكتب : عظمة التلاوة فى برنامج «دولة التلاوة»


يأتى برنامج «دولة التلاوة» على شاشة التلفزيون المصرى ليعيد إلى الوجدان المصرى والعربى تلك الروح الأصيلة التى تميّزت بها مصر عبر عقود طويلة؛ روح القرّاء العظام الذين صنعوا مجد التلاوة وأصبحوا أيقونات القرآن فى العالم كله. فهذا البرنامج لم يعد مجرد فقرة دينية تُعرض على الشاشة، بل أصبح نافذة فريدة تعيد إحياء مدرسة التلاوة المصرية بكل جمالها وهيبتها وعمقها.


«دولة التلاوة» يعيد الاعتبار للصوت المصرى الذى طالما حمل القرآن الكريم بصدق وجمال. فكل حلقة منه تكشف عن جيل جديد من القرّاء الشباب، يملكون أصواتًا ندية، وأداءً متوازنًا بين الإتقان والخشوع، وكأن البرنامج جاء ليعلن أن مصر لا تزال تحتفظ بخزائن من المواهب القرآنية التى تستحق أن تُقدَّم للعالم.


البرنامج يقدّم حالة فنية وروحانية نادرة؛ فالتلاوة فيه ليست أداءً صوتيًا فقط، بل تجربة وجدانية كاملة. أصوات القرّاء تتلو الآيات بحلاوة تأسر الوجدان، وبطبقات صوتية تجمع بين إرث العمالقة وروح العصر، وبإحساس يجعل المستمع يشعر بمعنى الآية قبل أن يسمع لفظها. ولعل سر نجاح «دولة التلاوة» أنه يفتح بابًا جديدًا لتواصل الشباب مع القرآن الكريم عبر عرض مواهب صادقة تمتلك القوة والرقّة معًا.


كما يعكس البرنامج اهتمام الدولة المصرية بإحياء الهوية الدينية الوسطية، وتثبيت قيمة الجمال فى تقديم القرآن الكريم، وإعادة تقديم مدرسة التلاوة المصرية للأجيال الجديدة بأسلوب راقٍ وجذاب. فهو ليس مجرد اكتشاف قرّاء، بل مشروع ثقافى وروحى يعيد التلاوة إلى مكانتها اللائقة فى البيوت والشاشات والقلوب.


ومن واقع متابعتي للبرنامج، أرى أن «دولة التلاوة» لم يعد مجرد عمل إعلامي، بل تحول إلى مشروع لإحياء الهوية الروحانية للمجتمع المصري. فهو يعيد تشكيل العلاقة بين الأجيال الجديدة والقرآن الكريم، ويقدم نموذجًا متوازنًا يجمع بين جمال الصوت وعمق الفهم، وبين الأصالة والتجديد. إن هذا البرنامج يعزز مكانة مصر التاريخية كمنارة للقرآن، ويؤكد أن مدرسة التلاوة المصرية ما زالت قادرة على إنتاج أصوات تحمل رسالة جمال، وتضيف إلى الوجدان المصري طاقة من السكينة والوقار. ولذلك فإن استمرار هذا البرنامج وتطويره يمثل ضرورة ثقافية وروحية للحفاظ على هوية الأمة وإعادة بناء الذائقة القرآنية الراسخة فى وجدان المصريين.

تعليقات