القائمة الرئيسية

الصفحات



بقلم/نشأت البسيوني 


هناك صمت لا يشبه الهدوء

بل يشبه المقابر حين تكتظ بالأحاديث التي لم تقل

يشبه المسافات بيننا وبين من نحب

يشبه الليل حين يطيل البقاء

وكأن الفجر قد تراجع عن وعده بالعودة

نصمت أحيانا يا صديقي

ليس لأننا لا نملك الكلام

بل لأن الكلام خذلنا أكثر من مرة

ولأن الحروف التي كانت تنقذنا

صارت اليوم تؤلمنا

فآثرنا الصمت عله يكون مأمنا لقلوب أنهكها التبرير

أتعلم

ليس أصعب من أن تكون بخير أمام الجميع

بينما روحك تنزف بصمت لا يسمع

تضحك لتخفي سقوطك

وتتحدث عن الأمل

وأنت آخر من يؤمن بوجوده

كم من مرة جلست أمام المرآة

فرأيت نفسك غريبا في ملامحك

كم من مرة حاولت أن تشرح وجعك

فخرج صوتك مكسورا مترددا بين البوح والخوف

كم من مرة وضعت نقطة النهاية

لكن السطر ظل مفتوحا لأن الحنين لا يعرف الختام

يا صديقي

القلوب ليست من حجر لكنها تتقن التجمد

حين تذوق الخذلان مرارا

حين تصبح الطيبة ضعفا

والصدق سذاجة

والوفاء عبئا على زمن لا يعرف إلا المصلحة

هكذا نصبح في لحظة ما 

شبه أحياء وشبه أموات

نتنفس نعم لكن بلا رغبة في الحياة

ومع ذلك

ما زال هناك في داخلنا شيء صغير عنيد

يرفض أن يموت

ربما هو الأمل

أو شوق لأيام لم تأت بعد

أو إيمان بأن الله لا يترك القلوب الموجوعة وحيدة

ذلك الشيء الصغير هو ما يجعلنا ننهض بعد كل سقوط

نبتسم رغم الندوب

ونحب رغم الخيبات

يا لهذا القلب كم هو عجيب

ينكسر مئة مرة

ومع ذلك لا يتوقف عن النبض

كأن الله وضع فيه معجزة البقاء

ليعلمنا أن الضعف أحيانا هو شكل آخر من القوة

وأن أجمل الحكايات تكتب بعد أقسى الوجع

وفي نهاية كل صمت

يأتي صوت خافت

يشبه الدعاء يشبه الرجاء يشبه العودة إلى الله

يقول

يا رب امنحنا سلاما لا تقدر عليه الدنيا

تعليقات