حين تتفتح القلوب بعد برد الانتظار الطويل

بقلم/نشأت البسيوني 

هناك لحظة نادرة في الحياة حين ينكسر جدار الصمت الذي بناه الزمن حول القلوب

وتتفتح النفوس بعد برد طويل من الانتظار

كأن الربيع أخيرا يغمر الأرض بعد شتاء دام سنوات

كأن الشمس تشرق بعد ليل طويل

فتشعر أن كل شيء أصبح ممكنا وأن كل صبر دام طويلا لم يذهب هباء

حين تتفتح القلوب بعد برد الانتظار الطويل

تشعر بأن الألم الذي شعرت به لم يكن عبثا

وأن كل فقد وكل غياب وكل خيبة

قدم لك درسا لم تعرف قيمته إلا حين جاءت هذه اللحظة

لحظة الصفاء الداخلي لحظة الانفتاح على الحياة بحب جديد

لحظة القدرة على منح نفسك لمن يستحق

ولإدراك أن كل لحظة كانت تحضيرا لهذا الاكتشاف الكبير

القلوب التي تتفتح بعد برد الانتظار

تتعلم كيف تحب بلا خوف

وكيف تتسامح بلا شروط

وكيف تشعر بالامتنان لكل شيء حتى للتجارب المؤلمة

التي شكلت روحها صقلتها وزادتها حكمة وعمقا

وصارت قادرة على استقبال الفرح بطريقة لم تعرفها من قبل

حين تتفتح القلوب بعد برد الانتظار الطويل

تدرك أن الصبر ليس فقط انتظارا لما تريد

بل رحلة داخلية لاكتشاف نفسك

رحلة تعلمك كيف تكون أقوى وأهدأ

كيف تصنع السلام بداخلك قبل أن تبحث عنه في الخارج

وكيف تحول كل حزن إلى درس وكل ألم إلى نور

وكل فقد إلى فرصة للتقدير والامتنان

يا صديقي

في هذه اللحظة يصبح القلب أكثر عمقا

أكثر قدرة على الحب الحقيقي

أكثر استعدادا للفرح بلا تحفظ

أكثر قوة في مواجهة أي خيبة

وأكثر سعادة برؤية الحياة كما هي بكل تفاصيلها

بجمالها بحزنها بقدرتها على منحك كل شيء حين تكون مستعدا

حين تتفتح القلوب بعد برد الانتظار الطويل

تبدأ الأرواح في الرقص مع الحياة

تتعلم كيف تكون لحظاتها ثمينة

كيف تكون ابتساماتها صادقة

وكيف يكون الحنين شعورا يملأ قلبك دفئا بدلا من ألم

وكيف يصبح الحب قوة والسلام الداخلي حقيقة

والأمل شعاعا لا ينطفئ مهما طال الليل

وفي النهاية

حين تتفتح القلوب بعد برد الانتظار الطويل

تدرك أن كل تجربة مضت كل دمعة كل فقد كل صمت

كان تجهيزا لهذه اللحظة

لحظة الصفاء لحظة الانفتاح لحظة الحب بلا قيود

لحظة القدرة على العيش بصدق

لحظة التي تجعل القلب وروحك يتنفسان الحرية الحقيقية

وتشعر أن كل شيء كان يستحق الانتظار

وأن الحياة نفسها بكل صعوبتها

قد صنعت منك شخصا قادرا على فهمها واستيعاب جمالها بعمق لم تعرفه من قبل