القائمة الرئيسية

الصفحات

كيف يمكن تحويل صعيد مصر وسيناء لمحراك للنمو المستقبلي


بقلم :الدكتور احمد صفوت السنباطي بمحكمة النقض 


لطالما نظرنا إلى صعيد مصر وسيناء على أنهما منطقتان تشكلان تحدياً لوجستياً وسكانياً، لكن القلب الاستراتيجي يخبرنا أنهما يمثلان كنزاً استراتيجياً مغلفاً بالتحديات، ينتظر فقط خريطة طريق ذكية لتحويله إلى محرك رئيسي للتنمية في مصر إن تحقيق التكامل الداخلي بين وادي النيل والدلتا من ناحية، وهاتين المنطقتين الواعدتين من ناحية أخرى، لم يعد مجرد خيار تنموي، بل أصبح ضرورة استراتيجية للمستقبل إن صعيد مصر، بتراثه الحضاري وطاقته البشرية الهائلة وأراضيه الزراعية البكر وأشعة شمسه الحارقة، يمكن أن يتحول من منطقة مستهلكة إلى قوة إنتاجية تعيد توازن الخريطة الاقتصادية وفي الجهة الأخرى، تقبع سيناء بموقعها الجيوستراتيجي الفريد كجسر بين القارتين، وثرواتها الطبيعية من الغاز والمعادن، وشواطئها البكر التي تمتد على بحرين، مما يؤهلها لتكون منصة مصر الاقتصادية الأسواق الآسيوية والأوروبية.


المفتاح لتحقيق هذه الرؤية هو التوقف عن التفكير في تنمية هاتين المنطقتين بمعزل عن بعضهما، والبدء في رؤيتهما كنسيج اقتصادي متكامل يمكن لطاقة الشمس في الصعيد أن تمد مشروعات تعمير سيناء بالكهرباء الخضراء عبر شبكة ذكية، بينما توفر موانئ سيناء منفذًا تصديريًا للصناعات القائمة على الزراعة في الصعيد يمكن تحويل التحدي الديموغرافي في الصعيد إلى فرصة من خلال تدريب وتأهيل الشباب على المهارات التقنية المطلوبة لمشروعات البنية التحتية العملاقة في سيناء، مما يحل إشكالية البطالة ويوفر العمالة المدربة في آن معاً هذا التكامل لن يحدث بمجرد الرغبة، بل يحتاج إلى مشروع قومي يربط بينهما بشبكة طرق وسكك حديدية فائقة السرعة، وشبكة اتصالات ليف ضوئي، وشبكة طاقة متجددة، لخلق حيز جغرافي اقتصادي موحد.


في الصعيد، يجب أن تتحول الرؤية من اقتصاد قائم على الزراعة التقليدية إلى اقتصاد قائم على "الزراعة الذكية" الموجهة للتصدير، و"الصناعات التحويلية" التي تعتمد على المنتجات الزراعية، و"السياحة الثقافية والعلاجية" التي تستثمر التراث الفريد للمنطقة يمكن لمدن مثل الأقصر وأسوان أن تتحول إلى مراكز عالمية للسياحة الثقافية والعلاجية، بينما تتحول محافظات قنا وسوهاج إلى مناطق جذب للاستثمار في الصناعات الغذائية والدوائية وفي سيناء، يجب أن يتجاوز النموذج التنموي مفهوم السياحة التقليدية إلى إنشاء "منطقة اقتصادية شاملة" تجمع بين السياحة المتخصصة، والصناعات البحرية، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، والزراعة الملحية يمكن لمشاريع "ممر التنمية في سيناء" أن يوفر موانئ ذكية متصلة بمناطق صناعية ومناطق ، مما يضع مصر في قلب خريطة التجارة العالمية.


التحدي الأكبر ليس تقنياً أو مالياً في المقام الأول، بل هو تحدي "الإرادة والرؤية". فتعمير سيناء وتنمية الصعيد يحتاجان إلى قرار استراتيجي يضعهما على رأس الأولويات الوطنية، مع تخصيص الموارد اللازمة وتذليل كل العقبات البيروقراطية كما يحتاج إلى حملة وطنية لإقناع المواطنين، الشباب، بالفرص الهائلة التي تنتظرهم في هاتين المنطقتين، من خلال تقديم حزمة محفزات استثمارية وسكنية وتعليمية لا تقاوم في النهاية، ليست هذه مجرد خطة للتنمية الإقليمية، بل هي إعادة اكتشاف لجغرافيا مصر، واستعادة لدورها التاريخي كملتقى للقارات والثقافات، وبناء لاقتصاد المستقبل الذي لا يعتمد على وادي النيل الضيق فقط، بل على رقعة أرضية شاسعة تبلغ مساحتها 90% من إجمالي مساحة مصر إن صعيد مصر وسيناء هما بالفعل محراك النمو المستقبلي، والوقت قد حان لتحويل هذه الرؤية إلى و

اقع ملموس

تعليقات