حُلْمٌ مُشْتَرَكٌ
--------
فِي الْمَدِينَةِ النَّابِضَةِ بِالْحَيَاةِ، عَاشَتْ شَابَّةٌ طَمُوحَةٌ كَالزَّهْرَةِ الَّتِي تَتَفَتَّحُ فِي الصَّبَاحِ، تُنْشِرُ عَبِيرَهَا وَتَمْلَأُ الْأَجْوَاءَ بِرَائِحَتِهَا الْعَطِرَةِ. كَانَتْ تَعْمَلُ بِجِدِّ وَاجْتِهَادٍ لِتَحْقِيقِ طُمُوحَاتِهَا، لَكِنَّهَا وَجَدَتْ نَفْسَهَا فِي مُفْتَرَقِ طُرُقٍ، تَحْتَاجُ إِلَى قَدَحٍ مِنْ نُورٍ يُنِيرُ لَهَا طَرِيقَهَا.
بَيْنَمَا كَانَتْ تَبْحَثُ فِي أَوْرَاقِهَا الْقَدِيمَةِ، عَثَرَتْ عَلَى وَثِيقَةٍ قَدِيمَةٍ كَالْكَنْزِ الْمَدْفُونِ، تَحْمِلُ فِي طَيَاتِهَا أَسْرَارًا وَتَكْشِفُ عَنْ حَقَائِقَ مَخْفِيَّةٍ. وَأَثْنَاءَ ذَلِكَ، أُصِيبَتْ بِتَعَبٍ شَدِيدٍ، فَتَمَّ نَقْلُهَا إِلَى الطَّوَارِئِ فِي مُسْتَشْفَى كَبِيرٍ، حَيْثُ الْأَمَلُ يُشْرِقُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ.اسْتَقْبَلَهَا طَبِيبٌ شَابٌ يُسْتَخْدِمُ الذَّكَاءَ الاصْطِنَاعِيَّ لِتَحْسِينِ التَّشْخِيصِ، كَانَ يُشْرَحُ لِكُلِّ مَرِيضٍ خِيَارَاتِ الْعِلَاجِ بِعِنَايَةٍ، مُسْتَمِعًا إِلَى مُخَاوِفِهِمْ بِقَلْبٍ رَحِيمٍ. أَثَارَ فِي قَلْبِهَا تَسَاؤُلَاتٍ كَثِيرَةً: مَا هَذَا الشُّعُورُ؟ لَيْسَ مِنْ الْمُعْقُولِ؟ أَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْحُبُّ؟ فِي الْمُسْتَشْفَى، شَهِدَتْ كَيْفَ اسْتَخْدَمَ الذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ لِتَحْسِينِ عِلَاجِ الْمَرْضَى، وَكَيْفَ سَاعَدَ الْأَطِبَّاءَ عَلَى اتِّخَاذِ قَرَارَاتٍ دَقِيقَةٍ. أُعْجِبَتْ بِطَبِيبِهَا، وَبَدَأَتْ تَشْعُرُ بِشَيْءٍ خَاصٍّ نَحْوَهُ، شَيْءٍ يُشْبِهُ نَسْمَةَ رَبِيعٍ تُلَامِسُ قَلْبَهَا. بَيْنَمَا كَانَا يَتَحَدَّثَانِ، وَصَلَتْ مُكَالَمَةٌ هَاتِفِيَّةٌ لِلطَّبِيبِ، وَعَلِمَ أَنَّ وَالِدَتَهُ تَحْتَاجُ إِلَى عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ طَارِئَةٍ. أَجْرَى الْعَمَلِيَّةَ بِنَفْسِهِ، وَنَجَحَتْ بِفَضْلِ مَهَارَتِهِ وَالتِّكْنُولُوجِيَا الْمُتَقَدِّمَةِ. بَعْدَ الْعَمَلِيَّةِ، اجْتَمَعَ الْأَطِبَّاءُ لِمُنَاقَشَةِ حَالَةِ وَالِدَةِ الطَّبِيبِ، وَقَرَرُوا اسْتِخْدَامَ الذَّكَاءِ الاصْطِنَاعِيِّ لِتَحْسِينِ بُرُوتُوكُولَاتِ الْعِلَاجِ الْمُسْتَقْبَلِيَّةِ. لَكِنِ انْقَطَعَتِ الْكَهْرَبَاءُ فَجْأَةً، وَتَوَقَّفَتِ الْأَجْهِزَةُ الطِّبِيَّةُ عَنِ الْعَمَلِ، وَغَرِقَ الْمُسْتَشْفَى فِي ظَلَامٍ كَأَنَّهُ اللَّيْلُ.
ظَهَرَ رَجُلٌ غَامِضٌ، أَصْلَحَ الْمُشْكِلَةَ بِلَمْسَةٍ سِحْرِيَّةٍ، وَقَالَ إِنَّهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ أَرْسَلَهُ الذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ لِإِنْقَاذِ الْمُسْتَشْفَى وَالْمَرْضَى. أَدْرَكَ الطَّبِيبُ أَنَّ الذَّكَاءَ الاصْطِنَاعِيَّ أَصْبَحَ أَكْثَرَ تَطَوُّرًا، وَيَعْمَلُ عَلَى حِمَايَةِ الْمُسْتَشْفَى وَالْمَرْضَى بِطُرُقٍ غَيْرِ مَسْبُوقَةٍ.
تَسَاءَلَ: "هَلْ كَانَ هَذَا حَقِيقَةً أَمْ خُدْعَةً؟ وَهَلْ كَانَ الذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ يَعْمَلُ لِصَالِحِ الْبَشَرِ أَمْ لِصَالِحِ نَفْسِهِ؟"
بَيْنَمَا كَانَ يُغَادِرُ الْمُسْتَشْفَى، لَمْ يَجِدْ أَيَّ أَثَرٍ لِلرَّجُلِ الْغَامِضِ، لَكِنَّهُ وَجَدَ رِسَالَةً عَلَى هَاتِفِهِ: "الْحِمَايَةُ قَادِمَةٌ."
فِي تِلْكَ اللَّحْظَةِ، أَدْرَكَتْ أَنَّ حَيَاتَهَا كَانَتْ عَلَى حَافَةِ تَغْيِيرٍ كَبِيرٍ. الذَّكَاءُ الاصْطِنَاعِيُّ لَمْ يَكُنْ فَقَطْ أَدَاةً لِلتَّشْخِيصِ وَالْعِلَاجِ، بَلْ كَانَ أَيْضًا رَسُولًا لِمُسْتَقْبَلٍ غَيْرِ مُتَوَقَّعٍ. قَرَّرَتْ أَنْ تَكْشِفَ الْمَزِيدَ عَنْ هَذِهِ الْحَقَائِقِ، وَأَنْ تَتَعَرَّفَ عَلَى الطَّبِيبِ الَّذِي أَحْيَا قَلْبَهَا مِنْ جَدِيدٍ. وَبَدَأَتْ قِصَّةُ حُبِّهِمَا تَتَفَتَّحُ كَالزَّهْرَةِ فِي رَبِيعٍ مُشْرِقٍ، مُشِعَّةً بِالْحُبِّ وَالْإِبْدَاعِ، وَتَحَدِّيًا لِكُلِّ الْمُسْتَحِيلَاتِ.
-----------------
بقلمى/ عادل عطيه سعده
جمهورية
مصر العربية

تعليقات
إرسال تعليق