✍️ كتب حازم علي أدهم
في الوقت اللي بتتعب فيه الدولة ليل ونهار علشان تبني في مجموعة تانية لسه شغالة تهد في صمت مجموعة لا بتحمل سلاح ولا بتهاجم من بره لكنها أخطر من أي عدو خارجي الفساد الإداري
المرض ده مش جديد لكنه اتطور وبقى عنده مناعة ضد القوانين بيغير شكله كل مرة وبيتحور جوه المكاتب والمصالح والمؤسسات لدرجة إن بعض الناس بقت شايفاه عادي أو شغل دماغ
الفساد الإداري مش بس رشوة أو محسوبية ده منظومة كاملة بتبدأ من الإهمال وتكبر بالكذب وتترسخ بالتواطؤ وتنتهي بضياع حقوق الناس وضرب ثقة المواطن في دولته
تلاقي ورقة متعطلة أو توقيع مش بيتم إلا بكلمة من فوق أو شغل يتوقف علشان المسؤول مش فاضي أو لسه بيشوف الموضوع وفي النهاية المواطن هو اللي يدفع التمن من أعصابه وكرامته ووقته
اللي أخطر من الفساد نفسه هو إننا بقينا متعايشين معاه بقينا نضحك على الموظف اللي يشتغل بضمير ونقول عليه غشيم ونصفق للفهلوة ونعتبر اللي يعرف يمشي أموره هو الشاطر
الخلل الحقيقي مش في القوانين لكن في العقول اللي بتطوعها وتكسرها لصالح مصالحها
مشكلتنا مش في النصوص لكن في النفوس اللي فقدت الإحساس بالمسؤولية
كم مشروع اتأخر وكم فرصة ضاعت وكم كفاءة انسحقت تحت أقدام المجاملات والعلاقات
كم شاب اتظلم لأن ابن فلان لازم يمسك المنصب وكم مؤسسة وقعت لأنها سلمت رقبتها لناس ما تعرفش يعني إيه شرف الوظيفة العامة
الفساد الإداري هو اللي بيكسر روح الشباب وهو اللي بيخلي الكفاءات تهاجر وهو اللي بيخلي المواطن العادي يفقد الثقة في العدالة
الفساد الإداري مش مجرد مشكلة داخلية ده جريمة ضد التنمية
الدولة ممكن تبني آلاف الكيلومترات من الطرق وتعمل مئات المصانع والمشروعات لكن لو فضل الفساد الإداري موجود هيبقى كل ده على أرض هشة
لأن الفساد بيأكل من جوه زي السوس وبيخلي المنظومة كلها شكل من بره بس من غير مضمون حقيقي
اللي بيخوف في الفساد الإداري إنه مش محتاج قرار جمهوري عشان يتعالج هو محتاج ضمير
لما الموظف يحس إنه بيخدم وطن مش بيخدم مدير ولما المدير يحس إنه مسؤول أمام ربنا قبل ما يكون أمام الوزير ساعتها بس ممكن نقول إننا بدأنا نحارب الفساد فعلاً
لكن طول ما في ناس شايفة المنصب غنيمة والشغل سبوبة والمواطن عبء مش هنشوف إصلاح حقيقي
المضحك المبكي إن بعض الفاسدين بقوا بيتكلموا عن النزاهة والشفافية في الاجتماعات وبيطلعوا بيانات عن محاربة الفساد وهم نفسهم أول من يدهس القوانين تحت رجليهم
اللي يوجع بجد مش إن في فاسد لكن إن الفاسد بقى هو اللي بيحط معايير النزاهة وبيحاسب الشرفاء
لازم نفهم إن الفساد الإداري مش هيتوقف بالكلام ولا بالشعارات ولا باللافتات اللي مكتوب عليها مكافحة الفساد
هو هيتوقف لما يتخاف من المواطن أكتر ما يتخاف من المدير ولما كل واحد في مكانه يرفض يكون شريك في الخطأ حتى بالصمت
الصمت على الفساد مشاركة فيه والسكوت عن الغلط جريمة مش حياد
الوقت اللي إحنا فيه مش وقت مجاملات البلد بتبني نفسها وسط حرب وعي حقيقية ومفيش أخطر من موظف بيضيع مجهود دولة كاملة بكسل أو تلاعب أو إهمال
الدولة بتضخ مليارات علشان تحقق تنمية لكن لو الفساد الإداري فضل موجود في المفاصل مش هنحس بالعائد
اللي بيوقف المشروعات مش نقص موارد لكن غياب ضمير وضمور إحساس بالمسؤولية
إحنا مش محتاجين نسن قوانين جديدة إحنا محتاجين نطبق اللي عندنا بضمير ونحاسب بجد ونعاقب اللي يستهين بثقة الناس
الفساد الإداري لازم يتعامل معاه بمنطق الوباء لأن كل موظف فاسد ممكن يعدي العشرة اللي حواليه وكل مؤسسة ساكتة بتخلق جيل جديد من المتبلدين
وفي النهاية الحرب على الفساد مش مسؤولية جهة رقابية بس دي مسؤولية شعب كامل
اللي يبلغ عن فساد بيدافع عن وطنه واللي يرفض رشوة بيثبت إن لسه في أمل
أما اللي بيقول ما ليش دعوة فهو بيساعد الفاسد من غير ما يحس
الفساد الإداري مش قدر لكنه اختيار
واختيارنا لازم يكون واضح يا نبني بلد نضيفة بضمير حي يا نفضل نحارب في دوامة من الورق والواسطة والسكوت لحد ما نغرق كلنا
ومصر عمرها ما كانت بلد فساد كانت دايمً
ا بلد ضمير بس الضمير محتاج اللي يصحيه من تاني

تعليقات
إرسال تعليق