بقلم: أحمد الشبيّتي
في زحام اليوم الدراسي، قد يظن البعض أن الكتب والامتحانات هي أهم ما يتعلمه الطفل. الحقيقة أبسط وأعمق: الطفل يتعلم من السلوك قبل الكلام، ومن القدوة قبل الدرس، ومن روح المدرسة قبل منهجها.
وفي كثير من مدارسنا، غابت ـ أو كادت ـ روح التعاون بين أعضاء هيئة التعليم.
صراع خفي، وحساسية بين الزملاء، ونقد سلبي يتسلل كالدخان إلى عيون الأطفال، فيصنع داخلهم بيئة خصبة لـ الحقد والتنمر والسلوك العدواني.
نحن اليوم أمام نداء مهم:
التعاون بين المعلمين ليس خياراً… بل أمانة.
التعاون الإلهي… سرّ البيئة الآمنة
حين يرى الطفل مدير المدرسة والمعلم والمرشد التربوي يعملون بروح واحدة، يتعلّم دون أن يُدرّس أحدٌ له:
– معنى احترام الآخر
– قيمة العمل الجماعي
– كيفية تقبّل الاختلاف
– أن القوة في الاتحاد وليست في الصراع
وحين يحدث العكس… تنتقل العدوى إلى الفصل.
يتعلم الطفل أن الخلاف صراع، وأن التنافس حسد، وأن التنمر وسيلة للسيطرة.
المعلمان المتخاصمان يصنعان فصلاً مضطرباً… والمعلمان المتعاونان يصنعان جيلاً سوياً.
فهم الطفل يبدأ من اتحاد الكبار
التكاتف داخل المدرسة ليس شعاراً، بل هو نظام حماية:
– تبادل الملاحظات حول كل طفل
– معرفة نقاط ضعفه وقوته
– التدخل المبكّر قبل تفاقم المشكلات
– دعم الحالات الخاصة نفسياً وسلوكياً
بهذا فقط يتحول التعليم من تلقين… إلى رعاية متكاملة.
رسالة صادقة إلى كل معلم ومعلمة
أنتم من قبلتم حمل الأمانة.
نعلم حجم الضغط، ونعلم ضيق الإمكانيات، ولكن:
«الأمانة لا تسقط بضيق الراتب ولا بكثرة الأعباء»
هذه ليست مهنة… إنها رسالة.
قولوا لأنفسكم كل صباح:
«خافوا الله في أبنائنا… فإنهم يرونكم قبل أن يسمعوكم»
نريد من مدارسنا أن تعود منبعاً للأمل لا للخلاف.
نريد جيلاً يرى في المعلم قدوة، لا موظفاً متعباً.
جيلاً يعشق العلم… لا يخاف المدرسة.
الخاتمة: المستقبل يبدأ الآن
اتركوا خلافاتكم خارج الفصل.
لتكن اختلافات الرأي ثراءً… لا معركة.
فأنتم جميعاً على سفينة واحدة تحمل أثمن ما نملك: أطفالنا.
ليكن تعاونكم هو اللقاح ضد التنمر، والدرع الذي يحمي أبناءنا، والشرارة التي تُعيد للتعليم مكانته وقدسيته.
معاً… نصنع جيلاً ينهض بالعلم، لا يهرب منه.

تعليقات
إرسال تعليق