القائمة الرئيسية

الصفحات

الإعلانات الهاتفية في قانون الإجراءات الجنائية الجديد في المادتين 230و 231



بقلم المحامية هاجر محمد حسني


ثورة تشريعية في ربط القضاء بالاتصالات وحق المتقاضي في الإخطار عبر الرسائل


 بعد قرن من العمل بالقانون القديم ،مثل قانون الإجراءات الجنائية الجديد رقم 174 لسنة 2025 نقلة مهمة في تاريخ العدالة الجنائية في مصر


الإعلان إحدى أهم مراحل التقاضي وأكثرها تأثيرًا على مصير المتهم والخصومة برمّتها.


وفي قلب هذا التحول تأتي المادة 230 والمادة 231، اللتان أدخلتا مفهومًا جديدًا بالكامل:


مراكز الإعلانات الهاتفية وإرسال الإخطارات عبر الهاتف والرسائل النصية.


هذه المواد ليست مجرد “تفصيلة تقنية”، بل ثورة تشريعية تحقق دمجًا بين الرقم القومي – القضاء – الاتصالات لضمان وصول الإعلان القانوني إلى صاحب الشأن بدقة وسرعة، وتفادي ضياع الحقوق بسبب تغيّر العنوان أو التشابه في الأسماء.


أولًا: ما هي المادة 230؟


تنص المادة 230 على إنشاء مركز للإعلانات الهاتفية بدائرة كل محكمة جزئية، يتبع وزارة العدل.

ويقع على هذا المركز أربع مهام محورية:


1) ربط الإعلان القضائي بالرقم القومي والهاتف المحمول


المركز يستعلم من قطاع الأحوال المدنية عن:


الرقم القومي للمتهم أو المعلن إليه


رقم الهاتف المحمول المسجّل باسمه


وبذلك يتم لأول مرة الانتقال من “الإعلان الورقي على العنوان” إلى الإعلان الرقمي المرتبط بالهوية الحقيقية للمواطن… وهو خطوة تقضى على:


التشابه في الأسماء


تغيير محل الإقامة


عدم العثور على الشخص


التحايل على الإعلان


2) إرسال الإعلان القضائي عبر الهاتف (SMS أو اتصال)


المركز يرسل الإعلان القانوني عبر:


رسالة نصية


اتصال هاتفي


وسيلة إلكترونية أخرى يعتمدها وزير العدل


الإعلان هنا لا يعني فقط “حكم صادر”. بل يشمل:


إخطارات الجلسات


أوامر الضبط


قرارات النيابة


الأحكام


أي ورقة قانونية يجب إعلانها للشخص


وبذلك يصبح هاتف المواطن وسيلته الرسمية لتلقي الإخطارات القضائية.


3) إعداد تقرير رسمي يثبت الاستلام


بعد إرسال الرسالة، يقوم المركز بإصدار تقرير رسمي يُثبت:


وقت الإرسال


رقم الهاتف


حالة الاستلام


هوية المرسل


الجهة القضائية التابع لها


ويكون هذا التقرير مستندًا رسميًا أمام القضاء لإثبات الإعلان.


4) فرض رسم للإعلان الهاتفي


القانون منح القاضي سلطة تحديد “رسم الإعلان الهاتفي”

ويتحمله في النهاية من يُحكم عليه بالمصاريف الجنائية، أي:


المتهم المُدان


أو الخصم الخاسر بحسب نوع الدعوى


ويُخصص هذا الرسم لتطوير مراكز الإعلان وقواعد البيانات القومية.


ثانيًا: المادة 231 — شكل الإعلان الهاتفي والبيانات الإلزامية


تحدد المادة 231 شكل الإعلان المرسل عبر الهاتف، وتشترط أن يصحب الإعلان مجموعة من البيانات الجوهرية لضمان العلم الحقيقي للشخص.


ومنها:


اسم المعلن إليه كاملًا


رقم بطاقته “الرقم القومي”


بيانات القضية (الرقم – نوعها – المحكمة)


الجلسة وتاريخها


الجهة المرسلة


اسم مأمور الإعلان


وسيلة الاتصالات المستخدمة وتاريخ إرسالها


هذه المادة تضمن أن الرسالة النصية ليست مجرد “إشعار عابر”، بل إعلان قانوني كامل الأركان له حجية وأثر.


ثالثًا: لماذا تُعد المواد 230 و231 ثورة تشريعية؟


لأسباب متعددة:


1) القضاء على أزمة “العنوان غير معلوم”


آلاف القضايا كانت تُضيع حقوق المتقاضين بسبب:


انتقال المتهم من عنوانه


كتابة عنوان خاطئ


عدم العثور على الشخص


ومع الربط بالرقم القومي والهاتف… هذه المشكلات أصبحت جزءًا من الماضي.


2) سرعة وصول الإخطار وحماية حق الدفاع


إعلان الجلسة عبر رسالة SMS يضمن:


أن المواطن يعرف بوجود قضية ضده


يستطيع الحضور والدفاع


لا يصدر حكم غيابي أو مفاجئ دون علمه


وبذلك يحمي القانون الحق الدستوري في الدفاع.


3) عدالة أسرع وتقليل التكدس


الإعلان الورقي التقليدي يتطلب:


محضر – انتقال – توقيع – ختم – عودة – إدخال بيانات

بينما الإعلان الهاتفي يتم خلال ثوانٍ.


4) تقليل التلاعب والهروب


بما أن الإعلان مرتبط بالرقم القومي المسجّل رسميًا، فليس أمام الشخص وسيلة للتحايل.


رابعًا: هل سيكون هناك رسالة SMS عند صدور حكم؟


نعم… وفقًا لصلاحيات المادة 230 و231 سيتم مستقبلاً إرسال إخطارات تشمل:


الأحكام


القرارات


أوامر الضبط


مواعيد الجلسات


لكل من يتم إدراج اسمه في قضية جنائية أو جنحة أو أسرة أو مدني.


ولكن التطبيق الكامل يعتمد على جاهزية مراكز الإعلانات الهاتفية المقرّر تشغيلها مع بدء العمل بالقانون في أكتوبر 2026.


خامسًا: رسالة للمواطن


أصبح من الضروري:


تحديث رقم الهاتف في بطاقة الرقم القومي


تسجيله باسمك الحقيقي


الاحتفاظ بالجهاز الذي يستقبل الرسائل


الانتباه لأي رسالة واردة من وزارة العدل أو المحاكم


فالإعلان الهاتفي أصبح إعلانًا قانونيًا صحيحًا… لا يجوز الاعتذار بجهل الرسالة أو تجاهلها.


الخلاصة 


المادة 230 و231 تمثلان بداية التحول الجذري نحو عدالة رقمية،بعد أن ظل الإعلان الورقي التقليدي هو الوسيلة الوحيدة لقرن.


إنها خطوة تضع مصر مع الدول التي تعتمد التكنولوجيا في إدارة العدالة، وتضمن حماية أكبر لحقوق المتقاضين، وتسهم في تحقيق العدالة الناجزة.


وهو تطور تشريعي يليق بمستقبل القضاء المصري، ويستحق الإشادة والفهم الواعي من المواطنين.

تعليقات