القائمة الرئيسية

الصفحات

الانتخابات البرلمانية في مصر 2025: استحقاق ديمقراطي في مفترق الطرق


بقلم د/ ساميه السيد حجاج

تعيش مصر في عام 2025 لحظة سياسية فارقة، إذ تمثل الانتخابات البرلمانية محطة محورية في مسار التحول السياسي والدستوري، وتأتي هذه الانتخابات في ظل تحولات إقليمية ودولية متسارعة، وتحديات اقتصادية وأيضا اجتماعية، والتي تتطلب برلمانًا أكثر فاعلية وقدرة على التشريع والرقابة. وقد انطلقت العملية الانتخابية على مرحلتين، وسط مشاركة واسعة من الأحزاب السياسية والمستقلين، وتفاعل ملحوظ من الجاليات المصرية بالخارج لتكون خطوة حقيقية نحو استحقاق دستوري يعكس الإرادة الشعبية.

الإطار القانوني والتنظيمي

تنظم الانتخابات وفقًا للمادة 106 من الدستور المصري، والتي تحدد مدة عضوية مجلس النواب بخمس سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع للمجلس. وقد أعلنت الهيئة الوطنية الجدول الزمني للعملية الانتخابية، على ان تتم بإشراف السادة القضاة من النيابة الإدارية وقضايا الدولة لضمان النزاهة والشفافية.

القضايا المطروحة والرهانات السياسية

تنافس المرشحون ببرامج انتخابية تناولت ملفات محورية مثل التنمية الاقتصادية، وتحسين الخدمات العامة، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية والعدالة الاجتماعية. ويُنتظر من البرلمان الجديد أن يكون أكثر فاعلية في الرقابة والتشريع، وأن يُعبّر عن تطلعات المواطنين في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

المرأة المصرية: حضور سياسي متجدد

برز دور المرأة المصرية في انتخابات 2025 بشكل لافت، سواء من حيث الترشح أو المشاركة في التصويت. فقد شهدت القوائم الانتخابية تمثيلًا نسائيًا مدعومًا بنصوص دستورية تلزم بتخصيص مالا يقل عن 25% من المقاعد في مجلس النواب للمرأة مع توجهات مستقبلية لزيادتها الى 35% بحلول 2030، مما يعكس التزام الدولة بتمكين المرأة سياسيًا.

كما ساهمت منظمات المجتمع المدني في دعم المرشحات وتدريبهن على إدارة الحملات الانتخابية، بينما أظهرت الناخبات وعيًا متزايدًا بأهمية الصوت النسائي في تشكيل السياسات العامة، كما لعبت المرأة دورًا محوريًا في الحشد والتوعية، خاصة في المناطق الريفية والشعبية، حيث ساهمت في تعزيز ثقافة المشاركة السياسية داخل الأسرة والمجتمع. هذا الحضور النسائي، سواء في الترشح أو التصويت، يُعد مؤشرًا على تحولات تدريجية في الثقافة السياسية، ويؤكد أن تمكين المرأة لا يقتصر على التمثيل العددي، بل يشمل أيضًا التأثير النوعي في صياغة السياسات العامة.

خاتمة

إن الانتخابات البرلمانية المصرية لعام 2025 ليست مجرد استحقاق دستوري او ممارسة ديمقراطية دورية؛ إنها اختبار حقيقي لمدى نضج التجربة السياسية، وقدرة الدولة والمجتمع على ترسيخ مبادئ المشاركة، والمساءلة، والتعددية. وبينما تتباين التحديات وتتعاظم التطلعات، يبقى الأمل معقودًا على أن يُفرز هذا الاستحقاق برلمانًا يُجسّد الإرادة الشعبية بصدق وفعالية، ويُعبّر عن صوت المواطن، ويُسهم في بناء دولة حديثة تُوازن بين الاستقرار والإصلاح.

كما أن مشاركة المرأة، والشباب، وذوي الإعاقة ليست فقط مؤشرات على شمولية العملية الانتخابية، بل هي دعائم أساسية لأي مشروع وطني يسعى إلى العدالة والتمثيل الحقيقي. وفي ظل ما تشهده مصر من تحولات، فإن البرلمان المقبل مدعوّ لأن يكون أكثر من مجرد سلطة تشريعية؛ بل منصة للحوار الوطني، وجسرا لتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، وأيضا رافعة للتنمي

ة المستدامة.

تعليقات