القائمة الرئيسية

الصفحات

الجمهور يتفاعل مع أغنية دانا حلبي الجديدة "إنت قاسي" من ألحان علي الخواجة.. عمل متكامل يشعل السوشيال ميديا ويعيد الأصالة للأغنية اللبنانية



الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 


يشهد الوسط الفني اللبناني تفاعلاً واسعاً مع الأغنية الجديدة التي قدّمتها الفنانة دانا حلبي بعنوان "إنت قاسي"، وهي من ألحان الملحن اللبناني المعروف علي الخواجة، وكلمات الشاعر سمير طارق، وتوزيع الموسيقي زاهر ديب. هذا التعاون اللافت جمع بين أربعة أسماء تمتلك خبرة وذوقاً عالياً في صناعة الأغنية العربية الحديثة، فكانت النتيجة عملاً متكاملاً يجمع بين الإحساس والاحترافية والهوية اللبنانية التي لا تُخطئها الأذن.


منذ صدور الأغنية على المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، اشتعلت صفحات المعجبين بموجة من الإعجابات والتعليقات، حيث اعتبر كثيرون أن “إنت قاسي” تمثل عودة قوية لدانا حلبي إلى الساحة الفنية بشكل مختلف عن المعتاد، كما أثنوا على لحن علي الخواجة الذي حمل بصمته الواضحة من حيث الحسّ الموسيقي العالي والتوازن بين الطابع الشرقي والإيقاع العصري. فالأغنية لا تشبه ما هو سائد حالياً، بل تُعيد المستمع إلى زمن الغناء الأصيل بأسلوب حديث يليق بالجيل الجديد.


تميّزت دانا حلبي في هذا العمل بأداء ناضج يختلف عن إطلالاتها السابقة، حيث قدّمت الأغنية بعمق وتعبير واضح عن المعاني العاطفية التي تتناولها الكلمات. صوتها ظهر أكثر دفئاً وتحكماً، خصوصاً في المقاطع التي تتصاعد فيها الجمل الموسيقية لتعبّر عن الألم والخذلان بلغة فنية راقية. دانا استطاعت أن توازن بين العاطفة والاحتراف، فبدت متصالحة مع الأغنية وكأنها كتبت ولحّنت من أجلها تحديداً، ما جعل الجمهور يرى فيها جانباً جديداً من شخصيتها الفنية، يبتعد عن الإيقاع السريع ويركّز على النغمة والرسالة.


أما من الناحية اللحنية، فقد قدّم علي الخواجة درساً جديداً في كيفية صناعة أغنية ناجحة تجمع بين العمق والبساطة. فقد بنى اللحن على قاعدة شرقية واضحة تدور حول فكرة الألم بصيغة موسيقية تحمل حركة وإحساساً في الوقت نفسه، ليُبرز قدرات دانا الصوتية ويمنحها مساحة للتعبير الطبيعي دون مبالغة أو تصنّع. ولعل أكثر ما ميّز اللحن هو تدرّجه المدروس، إذ يبدأ بهدوء يوازي لحظة الانكسار، ثم يتصاعد تدريجياً ليصل إلى ذروة الإحساس حيث تتفجّر العاطفة من داخل الصوت والموسيقى معاً.


أما الشاعر سمير طارق فاختار كلمات تعبّر عن القسوة بطريقة غير مباشرة، بلغة بسيطة وعميقة في آن، تجسّد مشاعر الحنين والخذلان دون خطابات طويلة. الكلمات جاءت كأنها حوار داخلي بين القلب والعقل، وهو ما جعلها قريبة من الناس وتشبه تجاربهم اليومية. في حين جاء زاهر ديب بتوزيع موسيقي متقن جمع فيه بين النعومة والتقنية العالية، فاعتمد على مزيج من الآلات الشرقية التقليدية مع لمسات إلكترونية خفيفة منحت الأغنية روحاً عصرية وحركة ديناميكية تواكب العصر وتحافظ في الوقت ذاته على جوهر الأغنية اللبنانية.


الملحن علي الخواجة، الذي عُرف بدقته وحسّه الفني المرهف، استطاع من خلال هذا العمل أن يرسّخ مكانته كأحد أبرز صُنّاع الأغنية في لبنان والمنطقة، إذ قدّم لحناً متوازناً يعكس شخصيته الفنية التي تقوم على الذوق الرفيع والوعي بالموسيقى الحديثة من دون التفريط بالهوية. ومع هذا النجاح، يؤكّد الخواجة أن الفن اللبناني لا يزال قادراً على إنتاج أعمال تحمل طابعاً عربياً أصيلاً وفي الوقت نفسه تنافس عالمياً بجودتها العالية.


من جهة أخرى، شهدت حسابات دانا حلبي على السوشيال ميديا تفاعلاً كبيراً من محبيها ومتابعيها الذين أثنوا على جرأتها في اختيار لون جديد، وعلى قدرتها على تقديم أغنية رومانسية ذات طابع درامي بعيد عن نمطها الغنائي السابق. كما أبدى عدد من الفنانين والإعلاميين إعجابهم بالعمل واعتبروه واحداً من أجمل الأغاني اللبنانية في الفترة الأخيرة، نظراً لتكامل عناصره من كلمات ولحن وأداء وتوزيع.


هذا النجاح المتكامل جعل الأغنية تحتل خلال أيام مكانة مميزة بين أكثر الأغاني تداولاً على المنصات الرقمية، واعتبرها الجمهور “عودة للأغنية الراقية” التي تعتمد على الكلمة واللحن قبل الشكل والمظهر. كما فتح التعاون بين دانا حلبي وعلي الخواجة الباب أمام توقعات لتكرار التجربة في أعمال مقبلة تجمع بينهما، خاصة بعد الانسجام الفني الواضح الذي ظهر في هذا المشروع.


وفي ختام المشهد، يمكن القول إن أغنية “إنت قاسي” ليست مجرد عمل جديد في مسيرة دانا حلبي أو علي الخواجة، بل محطة فنية تعبّر عن تطوّر في الرؤية الموسيقية اللبنانية الحديثة. أغنية تحمل توقيعاً حقيقياً في عالم يزدحم بالأصوات العابرة، وتؤكد أن الفن الذي يخرج من القلب يصل إلى كل مكان. ومع استمرار النجاح، يبدو أن هذا العمل سيكون من العلامات الفارقة في المشهد الغنائي اللبناني خلال العام الحالي، لما جمعه من صدق، احتراف، وجمال موسيقي نادر.

تعليقات