كتب/ أيمن بحر
كان الرئيس الراحل محمد أنور السادات صاحب الكلمة الصادقة والرؤية البعيدة، رجلًا آمن بالسلام كما آمن بالحرب، واتخذ قراراته التاريخية في لحظات كان العالم فيها يقف على حافة الصراع.
لكن أكثر لحظاته جرأة وصدقًا، كانت في خطابه الذي أطلق فيه وعده الشهير بالسلام، ذلك الوعد الذي اعتبره البعض مغامرة سياسية، واعتبره آخرون نبوءة لرجل قرأ المستقبل بعيون التاريخ.
في ذلك الخطاب الذي ما زال محفورًا في ذاكرة الأمة، تحدث السادات بثقة وإيمان عن رغبته في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، مؤكدًا أن الحرب ليست غاية بل وسيلة لاستعادة الأرض والكرامة، وأن السلام هو الطريق إلى مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
قال كلمته الشهيرة: “أنا مستعد أن أذهب إلى آخر الدنيا لو وجدت رجلًا من إسرائيل يتحدث عن السلام ولم يكن أحد وقتها يتخيل أن الرجل سيذهب فعلًا إلى القدس بعد فترة وجيزة، ليصنع مشهدًا لم يجرؤ عليه أحد قبله.
لكن ذلك الوعد الذي حمله قلبه دفع ثمنه غاليًا، عندما وقف بشجاعة ليقول الحقيقة فدفع حياته ثمنًا لموقفه، وسقط شهيدًا في يوم من أيام النصر، يوم السادس من أكتوبر، يوم العزة الذي صنعه بقراره الجريء وعبقريته العسكرية.
خطابات السادات كانت دائمًا نوافذ على ضميره، لا يجامل فيها ولا يساوم، بل كان يخاطب شعبه بلغة القلب والعقل معًا.
أما خطابه عن السلام، فكان أخطرها جميعًا، لأنه غيّر مجرى التاريخ، وقسم الرأي العام بين مؤيد ومعارض، لكنه أثبت أن القيادة الحقيقية هي أن تمتلك الشجاعة لتقول ما لا يجرؤ الآخرون على قوله.
رحل السادات، لكن بقي وعده، وبقي خطابه شاهدًا على رجل آمن بأن الكلمة قد تكون أثمن من الرصاصة، وأن السلام لا يصنعه الضعفاء، بل الرجال الأقوياء الذين يعرفون متى يحاربون ومتى يمدّون أيديهم بالسلام.
رحم الله الرئيس الشهيد محمد أنور السادات، رجل الحرب والسلام، وبطل العبور الذي كتب بدمه صفحة من أنبل صفحات التاريخ المصرى الحديث
تعليقات
إرسال تعليق