الإخبارية نيوز :
في ظلّ الترقّب العالمي الحذر للمفاوضات المحتدمة في شرم الشيخ، والتي قد تُحدّد مصير منطقة على شفا الهاوية، يأتي هذا البيان التاريخي كصرخة حقّ ونداء إنساني عاجل. "نبيل أبوالياسين"، رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان والباحث في الشأن العربي والدولي، يتحدث من قلب المأساة ليذكّر العالم بأن السلام الحقيقي لا يُبنى على جثث الأبرياء ولا يُرسم بخطوط من دماء الأطفال. في لحظة فارقة حيث تتداخل الأجندات السياسية، يظل صوت العدالة والإنسانية هو البوصلة الوحيدة التي يمكن أن تقود إلى برّ الأمان، مؤكّدًا أن معاناة شعبٍ محاصر لن تكون ثمنًا لصفقاتٍ تتنكر لحقوقه الأساسية في الحياة والحرية والكرامة.
السلام بجناحين.. والظلم بإلقاء العبء على طرف واحد
تحميل الفلسطينيين عبء السلام.. ظلم يهدم أركانه
واضح أبوالياسين أن السلام الحقيقي يشبه الطائر الذي لا يحلق بجناح واحد، مؤكدًا أن تحميل حركة حماس والشعب الفلسطيني عبء السلام بأكمله ليس ظلمًا فادحًا فحسب، بل هو انحراف عن جادة الصواب والواقع. وأشار إلى أن هذا النهج الأحادي لن يُنتج سوى مزيد من الاحتقان والكراهية، داعيًا إلى فهم طبيعة الصراع بكل أبعاده وعدم اختزاله في طرفٍ واحد يتحمل لوحده تبعات ما لم يقترفه. ولفت إلى أن العدالة تقتضي اعترافًا متبادلًا بالحقوق، ووقفًا فوريًا للعدوان كمدخل حقيقي لأي مفاوضات ذات مصداقية.
الهجمات الإسرائيلية.. العقبة الكأداء أمام السلام
وأكد أبوالياسين أن الهجمات الإسرائيلية المستمرة تشكل أكبر عقبة أمام تحقيق السلام في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن استمرار القتل والتدمير في غزة يُفقد أي مفاوضات جوهرها الإنساني. ونوه إلى أن إسرائيل، رغم الدعوات الدولية الواضحة، تواصل هجماتها التي تقوض أي مناخ إيجابي يمكن أن تبنى عليه الثقة. وذكر أن وقف هذه الهجمات فورًا هو المدخل الوحيد لأي حديث جاد عن السلام، محذرًا من أن استمرارها يجعل من المفاوضات مجرد غطاء لاستمرار الحرب.
الإبادة الجماعية في غزة.. قضية العالم الأولى
وأشار رئيس منظمة الحق الدولية إلى أن الإبادة الجماعية في غزة والعدوان الإسرائيلي المتصاعد يحتلان صدارة جدول أعمال لقاءات زعماء العالم، معربًا عن أمله في أن تتحول هذه القناعة الدولية إلى فعل ضاغط وحقيقي لوقف النزيف. ولفت إلى أن المجتمع الدولي لم يعد بمقداره التغاضي عن كارثة إنسانية بهذا الحجم، مشددًا على أن الكوارث التي تجرها الحكومة الإسرائيلية، المدفوعة بأوهام "الأرض الموعودة"، على المنطقة لا يمكن السكوت عنها. ووضح أن الهدف الأسمى هو تحقيق استقرار دائم دون مزيد من القتل والدموع.
تهديدات ترامب لنتنياهو.. انكشاف لخلافات عميقة
ولفت أبوالياسين إلى ما كشفته التقارير الإعلامية من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهديد صريح بـ "قصفه سياسيًا" عبر وسائل الإعلام إذا لم يمتثل لتعليمات واشنطن. وأكد أن هذا الصراع العلني يكشف هشاشة الموقف الإسرائيلي ويضيق هامش المناورة أمام نتنياهو، الذي أصبح رهينًا للخطة الأمريكية. وذكر أن هذا الوضع يجعل من الصفقة المقبلة، إذا تمت، انتصارًا للمقاومة التي استطاعت تحويل ورقة الأسرى إلى قوة ضاغطة غيرت المعادلة.
دور قطر وتركيا.. دفعة قوية للمفاوضات
ونوه أبوالياسين إلى أن انضمام قطر وتركيا إلى طاولة المفاوضات في شرم الشيخ منحها دفعة قوية وحقيقية نحو تحقيق نتائج إيجابية، مذكرًا بالدور الإقليمي الفاعل الذي تلعبه الدوحة وأنقرة في تضييق هامش المناورة الإسرائيلي. وأكد أن هذا التطور يعكس تحولًا في الموقف الأمريكي لتبني وجهة النظر القطرية إلى حد كبير، مما عزز من موقعها التفاوضي. وأشار إلى أن الهجوم الإسرائيلي الإعلامي على قطر لم يزدها إلا تماسكًا وقوة.
أسطول الحرية.. قرصنة في المياه الدولية
وحمّل أبوالياسين الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة وسلامة نشطاء أسطول الحرية الذين تم اختطافهم في المياه الدولية، واصفًا هذا الفعل بأنه "قرصنة وانتهاك صارخ للقانون الدولي". وأضاف أن هذا الاعتداء الجبان يعكس العقلية الفاشية التي تحكم قادة الاحتلال، الذين يسعون بكل وسيلة لطمس معالم جريمة الإبادة والتجويع المستمرة في غزة. وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك الفوري لإنقاذ النشطاء ومحاسبة قادة الاحتلال.
المجاعة كسلاح.. وإسرائيل تمتنع عن إدخال الغذاء
وأكد أبوالياسين أن إسرائيل تواصل استخدام المجاعة كسلاح حرب، مشيرًا إلى تصريحات الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين الذي كشف منع إسرائيل المتعمد لإدخال الغذاء إلى غزة. وطالب بفتح كافة المعابر فورًا وبإشراف مراقبين دوليين لضمان وصول الغذاء والمساعدات الإنسانية العاجلة، محذرًا من أن استمرار هذا الحصار المقيت يعد جريمة حرب بامتياز.
الضمانات الدولية.. مطلب فلسطيني وحيد
وشدد أبوالياسين على أن رفض حركة حماس لوجود قوات تركية أو أمريكية في غزة يأتي من واقع الخبرة المريرة مع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للاتفاقيات، مؤكدًا أن المطلب الفلسطيني هو وجود ضامن دولي قوي ومحايد مثل تركيا أو الصين، وليس قوات تتواطأ مع الاحتلال أو تقف صامتة أمام انتهاكاته. ولفت إلى أن وعود ترامب باستخدام سلطته لضمان الالتزام بالاتفاق تظل وعودًا جوفاء في ظل سجل الولايات المتحدة وإسرائيل الحافل بنقض العهود.
وختم نبيل أبوالياسين بيانه الصحفي قائلاً: إننا نقف على أعتاب لحظة تاريخية، إما أن تُكتب بمداد العدل والحرية، أو تُطمس بدماء المزيد من الأبرياء. لقد آن الأوان لأن يدرك العالم أن شعب غزة لم يعد يحتمل مزيدًا من الويلات، وأن السلام الذي يُشترى بثمن كرامته سيكون سلامًا واهيًا لا يصمد طويلاً. إن الصمود الأسطوري للمقاومة والشعب الفلسطيني، مقرونًا بكشف النقاب عن هوة الخلاف الأمريكي-الإسرائيلي العميق، قد وضع الكرة في ملعب العدالة. إننا نحذر من أي محاولة لخداع شعبنا أو الالتفاف حول حقوقه المشروعة. فلسطين ليست ورقة مساومة، وغزة ليست ساحة تجارب للقوى العظمى. إلى كل قادة العالم: كفى من الصمت! كفى من التواطؤ! تاريخكم سيسجل أنكم كنتم إما إلى جانب الظالم أو إلى جانب الضحية. والعدالة، رغم كل شيء، ستنتصر في النهاية. فليكن اتفاق شرم الشيخ بداية لنهاية الظلم، وليس طلقة رحمة في جسد أمة تئن تحت وطأة احتلال لا يعرف سوى لغة القتل والتدمير.
تعليقات
إرسال تعليق