هنا نابل / بقلم المعز غني
أفتح الألبوم القديم على مهل...
صفحة تلو صفحة ، كأنني أقلب شريطًا سينمائيًا بطيئًا ، تتهادى منه الوجوه وتفوح منه رائحة الزمن.
هنا إبتسامة عابرة ، وهناك نظرة خجولة ، وهنالك صورة تضيء الذكرى بلمعانها الأول ... كأن الماضي يمدّ يده ويقول لي: "تعال نتمشى معًا بين لحظاتك."
ربع قرن من الصحافة ليس مجرد سنوات تُعدّ ، بل دروب من الحكايات ، محطات تتلألأ فيها أسماء صنعت مجد الفن العربي . من حسين فهمي إلى أحمد بدير وصولا يسرا ، ومن أصالة نصري إلى نجوم آخرين مثل إيهاب توفيق ووليد توفيق ، كلّهم عبروا صفحتي كنجوم تضيء سماء العمر.
لكن بين كل تلك الصور ، تظل صورة واحدة تفرض نفسها : صورة جمعتني بالفنان المصري القدير أحمد بدير.
لم تكن مجرد صورة عابرة في مهرجان ، بل مشهد يختزل جوهر الفن في معناه الأصيل.
جلست أمامه فشعرت أنني لست أمام نجم كبير ، بل أمام إنسان صادق ، بسيط ، خفيف الظل ... كأن نابل نفسها منحته من روحها ، وجعلت اللقاء عفويًا كجلسة أصدقاء على رصيف البحر.
هناك أدركت أن سرّ الفنان الحقيقي لا يكمن في عدد الأدوار ولا في حجم الأضواء ، بل في إنسانيته التي تترك أثرًا لا يُمحى.
وكم صدق المثل: "التواضع من شيم الكبار."
كان ذلك خلال مهرجان نيابوليس الدولي للطفل بنابل ، المهرجان الذي يحوّل مدينتي إلى لوحة فرح ، وإلى نافذة مشرّعة على العالم.
وبين جدران المركب الثقافي ، لم أكن أدوّن خبرًا صحفيًا ، بل كنت أعيش لحظة إنسانية ستظل زادي ما حييت.
ونابل ... تلك العروس التي يغازلها البحر ، وتحتضنها أشجار الزيتون والبرتقال ، وتوشوشها رياح الوطن القبلي ، كانت ولا تزال شاهدة على أجمل ما يختزن القلب.
فهي ليست مجرد مدينة، بل ذاكرة حية ، كل زقاق فيها قصيدة ، وكل مهرجان فصل جديد من كتاب الحنين .
ومن ألبوم ذكرياتي الجميلة لقائي بالفنان الجميل حسين فهمي
يوم زيارته لمدينة نابل وبالتحديد لسوق الصناعات التقليدية الواقع بقلب مدينة نابل العتيقة .
ولأن الذكريات جواز سفر الروح نحو الأبدية ، يبقى الفن الجميل وكان لقاء جمعتنا فيه الذكريات الجميلة .
ألبوم الذكريات
جسرًا لا ينكسر ، يربط القلوب كما يربط البحر بين الضفتين.
واليوم، وأنا أفتح ألبومي معكم ، أيها الأحبة ، أسألكم :
هل فتحتم يومًا ألبوم ذكرياتكم وصادفتم صورة أو لقاء مع فنان أو شخصية تركت فيكم بصمة لا تزول ...؟
شاركوني لحظاتكم ، فالكلمة لا تزهر إلا بكم ، ولا يكتمل سحر الحكاية إلا بنبض قلوبكم.
بقلم المعز غني
عاشق الترحال وروح الاكتشاف
تعليقات
إرسال تعليق