مصطفي التوني يكتب
من المؤسف أن في بلدنا مصر -خاصة- انتشرت بشكل يمثل خطورة على المجتمع مجموعة نصبوا أنفسهم صنّاع السوشيال ميديا ، وهؤلاء الذين يجلسون خلف الشاشات يترقبون الأحداث ، وما أن يظهر حدث ما على أي صعيد من الأصعدة إلا وتجدهم يتحولون إلى محللين ومنظرين؛ فبسرعة البرق تجدهم يطلقون الأحكام ويصدرون الرؤى والأطروحات حول الموضوع سواء كان حادثًا أو خبرًا عن الاقتصاد أو خبرًا يثير الرأي العام .
أو تصريحًا لمسئول ؛ حتى الدين لم يسلم منهم
أحداثٌ عدة أظهرت هؤلاء ؛ كان آخرها حادث أسرة "دلجا" بصعيد مصر في يوليو الماضي حينما أقدمت سيدة على تقديم السم لأولاد زوجها ،وبمجرد انتشار خبر وفاة الأطفال وقبل أن يتم تحديد سبب الوفاة وما أن ظهرت إشاعة أن الوفاة ربما تكون نتيجة وباء أو عدوى راح الجميع من صنّاع السوشيال ميديا يوجهون الاتهامات للحكومة ووزارة الصحة قبل انتظار ظهور نتيجة أي تحقيقات تخص الموضوع، وهذا يشير إلى أن عددًا كبيرًا منهم لا يتأكد من المعلومات قبل أن يتعامل معها على أنها حقائق.
في هذه القضية بالذات من كثرة الآراء والتهم التي وجهت للحكومة من صنّاع السوشيال ميديا كاد الشعب أن يصدق أن هناك بالفعل وباءً سحائيًا وأن الحكومة ممثلة في وزارة الصحة لا تريد الاعتراف به ، وبعد ذلك أثبتت التحقيقات أن الحادث مدبر ؛ وأن المتهمة اعترفت بقتل أولاد زوجها وزوجها عن طريق وضع السم في الخبز.
ماذا لو تمهل هؤلاء حتى انتهت التحقيقات وظهرت الحقائق بدلًا من إثارة البلبلة و إحداث فجوة بين الحكومة والشعب .
أعتقد انه في ظل الأحداث المتسارعة والثورة التكنولوجية الهائلة وانتشار أدوات الذكاء الاصطناعي صار واجبًا على كل إنسان سواء في السوشيال ميديا أو الحياة العادية أن يتمهل قبل إصدار أي حكم على أي شيء حتى يتبين كامل التفاصيل والنتائج وتذكروا قول الله تعالى :يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" وحديث النبي الكريم "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع"
وعلى الحكومة أن تعمل على تقديم الحقائق أولًا بأول حتى لا تترك مجالًا للمشككين وأصحاب النوايا السيئة في إثارة البلبلة لأن ما حدث في قضية مثل هذه يمكن أن يحدث في قضايا أكثر خطورة يترتب عليها ما لا يحمد عقباه.
حفظ الله
مصر من كل سوء

تعليقات
إرسال تعليق