بقلم: الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
لم يكن ظهور النجمة بسمة عطا وهي تؤدي أغنية "عايشالك" مجرد إعادة عابرة لعمل رومانسي ارتبط بذاكرة الجمهور منذ أكثر من عشرين عامًا، بل شكل لحظة فنية استثنائية أعادت إلى الأذهان قيمة الأغنية الأصيلة حين تُقدَّم بإحساس صادق ورؤية معاصرة. الأغنية التي حملت بصمة اللحن الخالد للموسيقي المبدع حسام حبيب، وجدت في صوت بسمة عطا مساحة جديدة للانبعاث، لتتصدر سريعًا مواقع التواصل الاجتماعي وتصبح حديث الجمهور والإعلام.
أداء بسمة عطا لم يكن تقليدًا للماضي بقدر ما كان امتدادًا له بروح مختلفة، حيث أضافت لمساتها الخاصة على اللحن العاطفي العابر للزمن، وجعلت كلمات "عايشالك أحلى سنين في العمر يا ضي العين..." تبدو وكأنها تتجدد للمرة الأولى. هذه القدرة على الموازنة بين الأصالة والتجديد جعلت الأغنية تُستقبل بحفاوة، ودفعت الجمهور للتفاعل معها بشكل كبير، حتى تصدرت قوائم الترند العالمي في وقت قياسي.
ولم يتوقف النجاح عند بسمة عطا وحدها، بل انسحب الضوء أيضًا على حسام حبيب الذي بادر بالتفاعل مع أدائها، فأعاد نشر الفيديو عبر حسابه الرسمي، معبرًا عن إعجابه الكبير بما قدمته، في إشارة واضحة إلى أن "عايشالك" ليست مجرد عمل يُعاد غناؤه، وإنما تجربة تستحق الثناء والتقدير.
النقاد من جانبهم أجمعوا على أن قوة الأغنية في إعادة إحيائها تكمن في أن لحن حسام حبيب لم يفقد بريقه رغم مرور السنين، بل ظل محتفظًا بعمقه وحضوره، مما جعل صوت بسمة عطا يجد فيه أرضية خصبة ليمنحه حياة متجددة. ورأى بعضهم أن "عايشالك" تمثل مدرسة خاصة في صناعة الأغنية الرومانسية، حيث يمتزج النص باللحن في انسجام يجعلها أقرب إلى اعتراف عاطفي صادق يلامس الوجدان.
هذا التألق لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة ذكاء فني من بسمة عطا في اختيار عمل له مكانة راسخة في قلوب المستمعين، وفي الوقت نفسه فرصة لإعادة تسليط الضوء على حسام حبيب كملحن يمتلك رؤية موسيقية عابرة للأجيال. فعندما يلتقي صوت جديد بعمل خالد، يُولد سياق فني مغاير، ويُمنح الجمهور فرصة للعودة إلى الذكريات من منظور آخر.
الجمهور لم يكتفِ بالتصفيق، بل عبّر عن مشاعره بتعليقات حملت الكثير من الحب والوفاء للأغنية الأصلية، وأشاد بقدرة بسمة عطا على أن تمنحها روحًا جديدة، فيما بدا اسم حسام حبيب حاضرًا بقوة كأنه لم يغِب يومًا عن المشهد، لأن أعماله في جوهرها تحمل ما يكفي لتبقى نابضة بالحياة.
وبين كل هذا الزخم، يمكن القول إن "عايشالك" لم تعد مجرد أغنية تُعاد غناؤها، بل أصبحت لقاءً بين الماضي والحاضر، بين لحن خالد صاغه حسام حبيب، وصوت جديد أعاد للكلمات حياة أخرى، وبين ذاكرة عاطفية لا تزال قادرة على التأثير مهما مرّ الزمن. وهكذا تُثبت بسمة عطا أنها صوت واعد يملك أدواته، فيما يتجدد الاعتراف بعبقرية حسام حبيب كملحن سيظل حاضرًا في وجدان الأغنية العربية.

تعليقات
إرسال تعليق