في لحظة من أدق لحظات التاريخ العربي المعاصر، تجتمع الأمة في الدوحة، لا لتتبادل الكلمات، بل لتختبر ضميرها، وتعيد تعريف كرامتها. قمة عربية إسلامية طارئة، تعقدها قطر يومي الأحد والإثنين، تزامنًا مع استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم، ووسط صمت دولي مشين، وانفلات أمريكي تجاوز كل الأعراف والمواثيق.
المواطن العربي – من المحيط إلى الخليج – تعب من المؤتمرات الفارغة، ومن الشعارات التي تموت بعد بثّها على الهواء . اليوم، لا يريد هذا المواطن سوى شيء واحد: أن يشعر أن القمم تُعقد لأجله، لا لتخديره. أن يرى نتائج ملموسة، ومواقف واضحة، وردًا يليق بكرامة الأمة التي أُهينت على مرأى ومسمع العالم.
الاعتداء على دولة عربية، أيًا كانت، هو اعتداء على الجسد العربي كله. وحين تُمتهن سيادة قطر – أو غيرها – في وضح النهار، فإن الرد يجب أن يكون بحجم الكرامة لا بحجم البيانات .
هل يتفق العرب؟
سؤال قديم، تتنازعه التجارب، وتشهد عليه خيبات كثيرة. لكن اللحظة الحالية ليست كسابقاتها. الدم الفلسطيني الذي لم يجف، والاعتداءات المتكررة على دولة عربية، والانفلات الإسرائيلي غير المسبوق، والعربدة الأمريكية المعلنة… كل ذلك يضعنا أمام مفترق طرق.
فإما أن تكون قمة الدوحة هي القشة التي ستكسر ظهر الصمت، وتُعلن عن ميلاد موقف عربي موحّد، قوي، ومُلزم، أو نواصل الدوران في دوائر الخيبة، حيث تُستهلك الكلمات، وتُباع الشعوب في سوق الصفقات.
رسالتي إلى القادة العرب ، هذه فرصة… لا للتاريخ، بل للمستقبل. أن يُثبت القادة العرب أن بإمكانهم، إن أرادوا، أن يُغيّروا مسار الأحداث. أن يُعيدوا الاعتبار للقوة الجماعية، وأن يُدركوا أن العالم لا يحترم إلا من يفرض احترامه.
الدوحة ليست مجرد عاصمة، بل هي اليوم رمزية سياسية، ومحطة اختبار لما تبقى من وحدة المصير. فإما أن نرتقي، أو نظل في قاع الأمم، نرثي لأنفسنا ونكتب المراثي بدل البيانات.
لن نكون متفائلين حد السذاجة، ولا متشائمين حد العجز، لكننا – كعرب – ننتظر من قمة الدوحة ما يُشبه الرد الحقيقي:
ردًا بحجم الدم، وبحجم الأرض، وبحجم الغضب العربي الصامت.
ردًا يُشعل فينا يقينًا قديمًا: أن العرب، إذا قرروا يومًا، فإنهم يصنعون المعجزات.
تعليقات
إرسال تعليق