هنا نابل بقلم المعز غني
مقولة خالدة تحمل في طياتها قيمة عظيمة للعلم والمعرفة والتأمل.
فالكتاب لم يكن يوماً مجرد أوراق وحروف ، بل كان عالماً موازياً نلوذ إليه حين تضيق بنا الحياة ، وننهل منه زاد الفكر والعقل والروح.
لكن …
ها نحن اليوم في زمن مغاير ، زمن لم يعد الكتاب فيه سيد الجلساء كما كان بالأمس ، إذ تسلل الهاتف المحمول إلى تفاصيل حياتنا وأصبح لا يفارق أيدينا ليل نهار.
تغيرت العادات ، وتبدلت الأولويات ، وصار من الضروري أن نعيد صياغة تلك المقولة لتتماشى مع الراهن فنقول:
"وخير جليس في الأنام الهاتف المحمول … والفيسبوك"
بلا شك ، الهاتف الذكي منحنا فرصاً هائلة للإتصال بالعالم ، الإطلاع على الأخبار لحظة بلحظة ، لمشاركة أفكارنا وهمومنا وحتى إبداعاتنا.
بل صار هو نافذتنا على الآخر ، ورفيق وحدتنا وأحياناً … عزاء غربتنا.
لكن السؤال العميق الذي يفرض نفسه :
هل يمكن أن يضاهي الهاتف قيمة الكتاب حقاً؟
هل يملك الفيسبوك وشبكة التواصل الإجتماعي ، تلك القدرة على تهذيب العقول ، وتنمية الفكر ، وصقل الذائقة كما كان يفعل الكتاب عبر العصور؟
الواقع أن الهاتف المحمول جليس متقلب المزاج:
أحياناً يفتح لنا أبواب العلم والمعرفة .
وأحياناً يسرق منا الوقت ، يلهينا بالتفاهات ، ويقذف بنا في دوامة من الضجيج الرقمي.
أما الكتاب ، فكان جليساً صادقاً ، صامتاً ، لكنه عميق الأثر ، يمنحك من الحكمة بقدر ما تمنحه من وقتك وصبرك.
قد يكون زمننا قد فرض علينا هذه البدائل ، لكن يبقى التحدي الأكبر هو حسن توظيفها.
فإن جعلنا الهاتف الجوال والفيسبوك وسيلة للعلم والتواصل البنّاء ، فإنهما بحق سيصبحان خير جليس.
أما إن تركنا أنفسنا نهباً للسطحية واللهو ، فلن يكونا سوى جليس سوء يسرق أعمارنا دون أن نشعر .
ويبقى الكتاب ، رغم كل شيء ، صديقاً وفياً لا يشيخ ولا يتغير … بل يزداد قيمة كلما طال به الزمن .
فهل نعيد الإعتبار للكتاب ليبقى خير جليس كما كان دوماً؟
أم سنكتفي بالهاتف المحمول والفيسبوك لنجعل منهما مرآة زمننا؟
ويبقى السؤال مفتوحاً أمامكم أحبتي:
هل نترك الهاتف الجوال والفيسبوك يسرقان وهج الكتاب في حياتنا؟
أم نوفق بينهما لنصنع توازناً يليق بعقولنا وأرواحنا؟
الكتاب صديق وفيّ لا يخون ، والهاتف رفيق سريع الزوال إن لم نحسن إستخدامه …
فأيهما تختارون أن يكون خير جليسكم في هذا الزمان؟
شاركوني آراءكم وتجاربكم ، فالكلمة نور إذا خرجت من القلب ، والحديث الصادق جسر يربط بين الأرواح
قلم المعز غني عاشق الترحال وروح الاكتشاف
تعليقات
إرسال تعليق