بقلم أمير الصاوي
منذ أكثر من عقد وسد النهضة الإثيوبي الكبير يمثل صداعًا في رأس المنطقة، وبالأخص في مصر التي تعتمد على نهر النيل كمصدر حياة لا بديل عنه. السؤال الذي يفرض نفسه: هل نحن أمام حرب مؤجلة بين مصر وإثيوبيا؟ أم أن العقل السياسي والدبلوماسي سيتغلب على اندفاع السلاح؟
1- هل مصر في انتظار حرب مؤجلة مع إثيوبيا؟
الواقع أن مصر تتعامل مع الملف بمنهج "الصبر الاستراتيجي"؛ فهي لم تغلق باب المفاوضات رغم تعنت إثيوبيا، ولم تنجرف وراء الاستفزازات السياسية والإعلامية. ولكن التاريخ يعلمنا أن الأمن المائي المصري خط أحمر، وإذا شعرت القاهرة أن الخطر الوجودي اقترب أكثر مما ينبغي، فقد تجد نفسها مضطرة إلى خيارات عسكرية، حتى لو كانت مؤجلة.
2- ماذا لو تم ضرب سد النهضة؟
في حال توجيه ضربة عسكرية للسد، ستتباين النتائج بين:
مكاسب لمصر: تعطيل ملء السد، وإجبار إثيوبيا على العودة لمائدة التفاوض بشروط عادلة.
مخاطر كبيرة: احتمال انهيار مفاجئ للسد قد يؤدي إلى فيضان مدمر يجتاح السودان قبل أن يصل تأثيره إلى مصر. وبالتالي فإن أي عمل عسكري لن يكون قرارًا سهلاً أو مباشرًا، بل يحتاج لحسابات دقيقة وتنسيق مع الخرطوم.
3- هل تدرك إثيوبيا حجم الجيش المصري؟
الجيش المصري يُصنّف ضمن أقوى الجيوش في المنطقة وأفريقيا، ويتمتع بخبرة قتالية كبيرة وتسليح متطور، إضافةً إلى قدرات استخباراتية ولوجستية واسعة. في المقابل، الجيش الإثيوبي يعتمد على أسلحة تقليدية وقدرات محدودة، ومشغول بصراعات داخلية وحروب أهلية.
ورغم هذا الفارق، يبدو أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد يراهن على التعالي السياسي والمراوغة الدبلوماسية، مستندًا إلى الدعم الغربي والإسرائيلي والضغط الجغرافي بامتلاكه منبع النيل الأزرق.
4- مصر بين الصبر والحسم
القاهرة حتى الآن تمسك العصا من المنتصف؛ فهي ترسل رسائل واضحة أن النيل خط أحمر، لكنها في الوقت نفسه تستثمر في التحرك الدولي والإقليمي لإظهار أن إثيوبيا هي الطرف المعرقل. لكن إن فشلت كل الأدوات السياسية والضغط الدولي، فقد تتحول الأزمة إلى مواجهة، سواء كانت مباشرة أو عبر أدوات غير تقليدية.
الخلاصة
مصر لا تبحث عن الحرب، لكنها أيضًا لن تقبل العطش. إثيوبيا إذا استمرت في التعالي السياسي قد تجد نفسها أمام قوة عسكرية لا تقارن بإمكاناتها. والسؤال الذي سيبقى مفتوحًا: هل يستوعب أبي أحمد الدرس قبل فوات الأوان، أم أن المنطقة ستشهد مواجهة لا يرغب بها أحد ولكن قد تصبح حتمية؟
تعليقات
إرسال تعليق