القائمة الرئيسية

الصفحات

نبيل أبوالياسين: انهيار الحزب الجمهوري .. كيف يصنع ترامب نهاية هيمنة حزبه بأيديهم؟

 


الإخبارية نيوز :

في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تتغير الأوراق وتتبدل التحالفات، يجد الحزب الجمهوري نفسه اليوم أمام تحديات كبرى لا يستهان بها. فبعدما كان يمتلك أغلبية واضحة، باتت هذه الأغلبية تتآكل شيئًا فشيئًا، وتتلاشى معها سلطته وقوته. هذا التراجع ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة مباشرة لخلافات داخلية عميقة، وتصريحات مثيرة للجدل من الرئيس ترامب، الذي أصبح يمثل عبئًا على حزبه أكثر من كونه قائدًا له. إنها لحظة حرجة في تاريخ الحزب، فهل سيتمكن من تجاوزها، أم ستكون هذه بداية النهاية لهيمنته؟.


الأغلبية المتقلصة: تحديات سبتمبر










يعيش قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب حالة من القلق والتوتر مع بداية شهر سبتمبر، حيث ستتقلص أغلبيتهم الصغيرة بشكل أكبر. فمع وجود انتخابات خاصة في فرجينيا وأريزونا من المتوقع أن تُضيف ديمقراطيين إلى المجلس، ستنخفض قدرتهم على تحمل أي انشقاقات داخلية. هذا الوضع يُعقّد مهمة رئيس المجلس مايك جونسون، الذي يواجه موعدًا نهائيًا للتمويل الحكومي في 30 سبتمبر، وسط نزاعات حول هيكل التمويل. إن أي صوت إضافي يمكن أن يغير موازين القوى، ويضع الحزب الجمهوري في موقف حرج أمام الديمقراطيين الذين يمتلكون القدرة على فرض إغلاق الحكومة.


قضايا شائكة: من إبشتاين إلى تمويل واشنطن








لا تقتصر تحديات الحزب الجمهوري على الأرقام فقط، بل تمتد لتشمل قضايا شائكة تثير الجدل. من أبرز هذه القضايا ملف جيفري إبشتاين، الذي عاد إلى الواجهة مجددًا، ويهدد بكشف المزيد من الفضائح. كما يواجه الحزب ضغوطًا من أعضائه بخصوص قضايا مثل تداول الأسهم لأعضاء الكونغرس، وحدود المدة التشريعية. والأكثر تعقيدًا هو مطالب الرئيس ترامب المتزايدة، مثل طلبه بملياري دولار لتمويل خطته "لتجميل" واشنطن، بالإضافة إلى نيته في السيطرة على إدارة شرطة العاصمة، وهو ما يتطلب موافقة الكونغرس. هذه القضايا ليست مجرد خلافات سياسية، بل هي قنابل موقوتة تهدد بانفجار الحزب من الداخل.


ترامب: عبء أم حل؟










كل هذه التحديات تُلقي بظلالها على علاقة الحزب الجمهوري بالرئيس ترامب. فبينما يرى البعض أن ترامب هو الحل، يرى آخرون أنه المشكلة الأساسية. تصريحاته المثيرة للجدل، مثل خطته لإلغاء 5 مليارات دولار من التمويل الحكومي، تضع المشرعين الجمهوريين في موقف حرج وتُبعدهم عن الديمقراطيين. كما أن تهديداته بنشر الحرس الوطني في شيكاغو، رغم معارضة السلطات المحلية، تُظهره كشخصية مستبدة لا تحترم القوانين، مما يزيد من نفور الناخبين منه. إن ترامب، بأسلوبه غير التقليدي، يُعقّد الأمور أكثر مما يحلها، ويُمهّد الطريق أمام الحزب الديمقراطي لتحقيق انتصارات جديدة.


تداعيات استراتيجية: ضعف الجمهوريين يهدد موقف أمريكا في العالم








وراء هذه المعارك الداخلية، تكلفة استراتيجية باهظة تدفعها الولايات المتحدة ككل. فالحزب الجمهوري المشلول بالخلافات يصبح عاجزاً عن تمرير أي أجندة سياسية متماسكة، سواء فيما يتعلق بالميزانية العسكرية أو الدعم لأوكرانيا أو حتى الرد على التصعيد الصيني. هذا الضعف الداخلي لا يهدد هيمنة الجمهوريين فحسب، بل يهدد مكانة أمريكا كقطب عالمي قادر على اتخاذ قرارات حاسمة. السؤال الأكبر: من سيملأ فراغ القيادة هذا – الديمقراطيون، أم منافسون دوليون يستغلون فرصة انشغال واشنطن بنزاعاتها الداخلية؟.

مستقبل غامض








في ظل هذه الأوضاع، يبدو مستقبل الحزب الجمهوري غامضًا. فمع تراجع شعبيته وتضاؤل أغلبيته في الكونغرس، يجد قادته أنفسهم بين مطرقة ترامب وسندان الديمقراطيين. إنها لحظة تاريخية ستحدد ما إذا كان الحزب سيتمكن من إعادة تعريف نفسه والعودة إلى سابق عهده، أم سيبقى رهينًا لشخصية ترامب المثيرة للجدل. هذه الضغوط الداخلية والخارجية هي إشارة واضحة على أن "أخبارًا سيئة" تنتظر الجمهوريين، وأن الطريق أمامهم سيكون مليئًا بالعقبات. إنها نهاية حقبة من الهيمنة، وبداية لزمن جديد تتغير فيه قواعد اللعبة السياسية في أمريكا.






ختامًا: التراجع الجمهوري الحالي هو أكثر من مجرد تحول سياسي عابر؛ إنه إعلان عن إفلاس نموذج كامل قام على الشخصنة والاستقطاب. لحظة الحقيقة التي يعيشها الحزب ليست اختباراً لقوته فحسب، بل هي امتحان للديمقراطية الأمريكية ذاتها في مواجهة سؤال مصيري: هل يمكن استعادة الحياة الطبيعية لمؤسسات دولة أصبح رأسها أعظم عائق أمام استقرارها؟.

تعليقات