✦ هنا نابل بقلم المعز غني ✦
رحلتي السياحية والترفيهية والتثقيفية إلى ألمانيا
، "Munich "وبالتحديد إلى مدينة منشن
، لم تكن مجرّد أسبوع عابر من التسلية، بل كانت تجربة ثرية نسجت تفاصيلها بين عبق التاريخ وجمال الطبيعة وسحر الحضارة الأوروبية الحديثة.
منشن ( Munich)
مدينة فاتنة تُخاطب الحواس جميعها ، شوارعها المزدانة بالمباني الباروكية والحديثة، ميادينها المزدحمة بالزوار، حدائقها الغنّاء التي تمنحك فسحة من الطمأنينة، كلها تجعل الزائر يذوب في لوحة حضارية متكاملة.
وكانت البداية مع ساحة مارين بلاتز "Marienplatz"، القلب النابض للمدينة، حيث إرتفعت الأبراج التاريخية شامخة لتروي قصص قرون مضت، وحيث يقف برج البلدية الجديد بساعته الشهيرة ليقدم عرضًا ساحرًا بالدمى الميكانيكية التي تُعيد إلى الحياة مشاهد من العصور الوسطى.
هناك وقفت طويلًا مأخوذًا بالمشهد، بين مزيج من السيّاح والموسيقيين المتجولين وروائح القهوة المتسللة من المقاهي المجاورة.
ثم إنتقلت إلى الحديقة الإنجليزية "Englischer Garten"، إحدى أكبر الحدائق الحضرية في العالم، مساحة خضراء مترامية الأطراف تُعيد إليك صفاء الروح.
بين راكبي الدراجات وممارسي الرياضة، وبين العائلات الملتفة حول النهر الصغير، وجدت نفسي أتنفس حياة جديدة، كأن الطبيعة نفسها تُعيد شحن طاقتي بروح من الطمأنينة والسكينة.
أما المتاحف، فقد كانت محطتي الأثيرة. متحف
"Alte Pinakothek" قدمني إلى عباقرة الفن التشكيلي منذ عصور النهضة، بينما أخذني "Deutsches Museum" في رحلة عبر أسرار العلوم والتقنية، من الاختراعات الأولى حتى ثورات العصر الحديث.
هناك أدركت أن الحضارة لا تُختزل في مبانٍ شاهقة، بل في ذاكرة إنسانية تحفظ الإنجازات وتُلهم الأجيال.
ولأن الرحلة لا تكتمل من دون تذوق مطبخها، فقد أبحرت في عالم المطبخ البافاري الذي يُعتبر جزءًا من هوية منشن.
جلست في مطعم تقليدي يعبق برائحة الخشب الدافئ، وقدمت لي أطباق مثل "Weißwurst" النقانق البيضاء الطازجة مع البريزل المالح والخردل الحلو، إضافة إلى طبق "Schweinshaxe" (ساق الخروف المشوي) الذي يُعد من أشهر الأطباق هناك.
كانت تجربة فريدة جمعت بين البساطة والعمق، بين طعم يُشعرك بالدفء وبين إحساس بأنك تشارك أهل المدينة جزءًا من تراثهم. "Munich"ولعل أكثر ما أسعدني هو أن الطعام في منشن
ليس مجرد وجبة، بل طقس إجتماعي يجمع العائلة والأصدقاء حول الطاولة بروح ودّ ومرح.
لقد صدق من قال: السفر فيه سبعة فوائد.
" Munich "منشن
تعلمت أن المدن مثل البشر؛ منها من يمرّ بك مرورًا عابرًا، ومنها من يسكن روحك إلى الأبد.
منشن Munich
كانت من النوع الثاني، مدينة أختزلت في تفاصيلها معنى الحياة، لتعلّمني أن الاكتشاف لا حدود له، وأن الترحال هو أعظم مدرسة للروح والعقل.
✦ في النهاية ✦
منشن" Munich "
لم تكن مجرد محطة في رحلتي، بل كانت قصة عشق جديدة مع السفر، نافذة أطللت منها على الجمال الأوروبي بكل ما فيه من أصالة وبهاء.
أكتب لكم هذه السطور، لا لأصف فقط ما رأيت، بل لأدعُوكم أن تمنحوا أرواحكم فرصة مماثلة، أن تتركوا قلوبكم تنسج حكاياتها بين مدن العالم، فالسفر وحده كفيل بأن يُعيد تشكيلنا ويزرع فينا بذور حياة جديدة.
فهل أنتم مستعدون لأن تهبوا أنفسكم لرحلة تكتب في داخلكم فصلاً جديدًا من الدهشة والاكتشاف؟
🌍✨
بقلم المعز غني
عاشق الترحال وروح الاكتشاف
تعليقات
إرسال تعليق