القائمة الرئيسية

الصفحات

انخفاض العملة كيف ينعكس على الأسعار وحياة المواطن



 بقلم: وفدي عبد الواحد


يشهد الاقتصاد المصري – كسائر اقتصادات الدول النامية – تحديات متكررة بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وهو أمر يترك انعكاسات مباشرة على أسعار السلع والخدمات وحياة المواطن اليومية.


أولاً: ارتفاع تكلفة الاستيراد

تعتمد مصر بشكل كبير على الاستيراد لتوفير العديد من احتياجاتها من الغذاء والدواء والمواد الخام. ومع تراجع قيمة الجنيه، تصبح تكلفة استيراد هذه السلع أكبر، الأمر الذي ينعكس مباشرة على الأسعار في السوق المحلي. فمثلاً، تقرير البنك المركزي المصري أشار إلى أن فاتورة الواردات الغذائية وحدها تجاوزت ١٣ مليار دولار عام ٢٠٢٣، ما يجعل أي تغيير في سعر الصرف عاملًا مؤثرًا في تكلفة المعيشة.


ثانيًا: التضخم وتراجع القوة الشرائية

ارتفاع أسعار الواردات يؤدي بدوره إلى موجة تضخمية عامة، حيث تنتقل الزيادة في التكاليف إلى السلع المنتجة محليًا التي تعتمد على خامات مستوردة. ومع ثبات الدخول أو زيادتها بوتيرة أبطأ، تتراجع القوة الشرائية للمواطن، فيضطر لتقليص استهلاكه أو الاستغناء عن بعض الكماليات. وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، سجل معدل التضخم السنوي في مصر نحو ٣٠٪ في نهاية عام ٢٠٢٣، وهو ما يعكس أثر انخفاض العملة بشكل واضح.


ثالثًا: المنتج المحلي بين مكاسب وتحديات

قد يستفيد بعض المنتجين المحليين من تراجع العملة، إذ تصبح بضائعهم أرخص نسبيًا مقارنة بالسلع المستوردة، مما يعزز فرصهم في السوق الداخلي وربما الخارجي عبر زيادة الصادرات. لكن في المقابل، كثير من الصناعات المصرية تعتمد على مكونات أجنبية، ما يجعلها تعاني من ارتفاع التكلفة وصعوبة المنافسة دون دعم حكومي أو تسهيلات إنتاجية.


رابعًا: الأثر الاجتماعي والاقتصادي

على الصعيد الاجتماعي، يخلق ارتفاع الأسعار ضغوطًا متزايدة على الأسر متوسطة ومحدودة الدخل، وقد يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الطبقات. أما اقتصاديًا، فقد يحمل انخفاض العملة فرصًا مستقبلية عبر تعزيز الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكنه يتطلب سياسات رشيدة لدعم الصناعة الوطنية، وترشيد الواردات غير الضرورية، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي.


خلاصة القول

انخفاض قيمة العملة ليس مجرد تغير في مؤشرات الاقتصاد الكلي، بل حدث يمس تفاصيل حياة المواطن اليومية. لذا يبقى الحل في مزيج من السياسات المالية والنقدية الرشيدة، وتشجيع الإنتاج المحلي، وبناء اقتصاد أكثر قدرة على مواجهة الأزمات العالمية.


مراجع تم الاعتماد عليها 

البنك المركزي المصري – النشرة الإحصائية الشهرية، ديسمبر ٢٠٢٣.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء – تقرير التضخم السنوي ٢٠٢٣.

تقرير البنك الدولي عن الاقتصاد المصري، ٢٠٢٣.

تعليقات