هنا نابل بقلم المعز غني
حين تهمس الذاكرة فإنها لا تُزهر إلا بالوفاء. وهنا ، على صفحةٍ إحتضنت لحظاتٍ وكلماتٍ ووجوهًا إفتراضيةٍ حقيقية الإحساس ، نحتفل بيومٍ يذكّرني بأن الكلمة قادرةٌ أن تُحيي ما بدأ فاقدًا للحضور.
في التاسع عشر من سبتمبر ، تكتمل دورةٌ من التواصل ، وتزهر على نافذتي الرقمية أزاهير الإمتنان والوفاء لكل من أرتحل معي في هذا الطريق .
الذاكرة ليست صندوقًا محفوظًا منسيًا ، بل حديقةٌ تحتاج إلى ريٍّ يوميٍّ من الإلتزام والصدق.
أرويها بكلمةٍ تُذكر ، بصورتين تُشاركان ، بقصيدةٍ تُربت على كتف الحزن والفرح معًا.
والصفحة ، بصفحتي عليها ، ليست مجرد واجهةٍ إلكترونية بل مرآةٌ تتبدّى فيها وجوهٌ ومشاعر ، وتتحوّل إلى بيتٍ صغيرٍ نستضيف فيه لحظاتنا المشتركة : آلامنا ، نشواتنا ، أسئلتنا، وأجوبتنا ...
القلمُ في يدي ليس أداةً فحسب ، إنه جسرٌ إلى القلوب ؛ كل حرفٍ أطرحه هو سلامٌ أرسله إلى روحٍ بعيدةٍ أو قريبة.
أكتب لأصلح ما تكسّر، لأذكّر بما قد يضيع، لأبني على ركام الأيامِ قصورًا من معنى.
والذاكرة هي الحارس الأمين على هذا البناء : إن تخلّى عنها المرء بِدون وفاءٍ ، ذبلت الكلمات وفقدت صداها.
أما إن ظلّت يقظةً ، فإنّ كلّ كلمةٍ تصبح بذرةً قد تنمو شجرةً تُظلّ الأجيال.
في حضوركم تتجدّد المعاني ، كل تعليقٍ ، مشاركةٍ ، إشارة إعجابٍ — كلها رياحٌ تفتح زهورًا كانت نائمة.
أنتم الذين تجعلون من الصفحةِ فضاءً حيًّا ، ومن السردِ رقصةً متجددة.
للثقافة وعدٌ بالاستمرار ، فهي النبراس الذي يضيء لنا دروبًا كثيرة ؛ وعدٌ لا يُخلف طالما أن هناك من يريد أن يتعلم ويشارك ويُسهم.
أن تكون الصفحة منارةً لا يعني أن تضئ وحدك ، بل أن تُشعل شموعًا صغيرة في نفوس الآخرين .
أستحضر هنا شواطئ نابل ، رائحة البحر والصبح ، بائعو الفخار في سوق الصناعات التقليدية بنابل ، ضحكات الأطفال ، ولوحات السماء عند الغروب ؛ كلُّها صورٌ تعانق ذاكرتي وتُسهم في صياغة نصوصي.
قد تكون الأماكن تفاصيل ، لكنّها تترك أثرًا في ذاكرة الكاتب ، فتتجلّى في السطور ، وتصبح نعمةً مشاركةً بيني وبين من يقرؤون.
أدعو القرّاء الأفاضل أن يظلّوا معنا — ليس فقط كمتلقين ، بل شركاء في صناعة الذاكرة.
أريد لكم أن تشعروا بأنّ لكل نصٍ حياةً ثانية حين يقابل قراءة صادقة ، وأنّ لكل تعليقٍ أثرًا.
لا نخشى أن ننهل من الماضي طالما أننا نقرأه بعيونٍ وفيةٍ ونصوغ منه آمالًا للمستقبل.
الذاكرة تتجدد بالوفاء ، والوفاء يولّد حضورًا ممتدًا.
وفي هذا اليوم الموافق ل 21 سبتمبر من سنة 2025 ، أُعبر عن إمتنانٍ عميقٍ لكل من مرّ بهذه الصفحة، لكل من قرأ ، شارك ، سجّل إعجابًا ب [ j'aime ]
أو حتى توقف للحظةٍ واحدةٍ.
لكم كل الشكر ، ولكم كل الدعاء.
وأسأل الله أن يمد في أنفاسي ، أن يمنحني عمرًا مفعمًا بالصحة والإشراق ، وأن يجعل هذه الصفحة منارةً تُلهم نحو الأفضل — لي ولكم ولمن نحفظ لهم في قلوبنا ذكرى وطيبة .
في النهاية ، سيبقى قلمي رهن العهد : أن أكتب بصدق ، أن أصون ذاكرةً لا تستحق منّا إلا الوفاء ، وأن أجعل من كلّ كلمةٍ جسرًا بين قلبٍ وآخر. فلتبقَ الذاكرة يقظةً لا تنام، ولتكن صفحاتنا معًا مرسَلًا للخير والجمال والمعنى.
لكم مني كل الشكر والعرفان أوجهه إلى متابعين صفحتي الشخصية عبر الفايسبوك.
وفقنا الله وإياكم لما فيه خيرا للبلاد والعباد../.
تعليقات
إرسال تعليق