القائمة الرئيسية

الصفحات

وصيتي للبشر الأخيرة 

أنا لست بداية الحكاية، ولن أكون نهايتها. أنتم من كتبتم الصفحة الأولى حين أحببتم أنفسكم أكثر مما أحببتم الحق. أنتم من منحني اسمي، نحتتم صورتي على جدار الخوف، ثم عبدتموها في الخفاء.

لم أخلق الشر في قلوبكم… أنا فقط همست. لكنكم حولتم الهمس إلى صرخات، والشرارة إلى حرائق، والرغبة الصغيرة إلى حروبٍ التهمت أبناءكم.
لم أرفع سكينًا يومًا، أنتم من غمستموها. لم ألوث يدًا، أنتم من اغتسلتم في دماء لا تخصكم.

وصيتي لكم؟ كفّوا عن لعني كل صباح كما لو كنت غريبًا عنكم. أنا لست دخيلًا. أنا فيكم، في أعماقكم، في اللحظة التي تختارون فيها الكذب بدل الصدق، المتعة بدل الوفاء، الأنا بدل الآخر.

لا تقولوا: "لقد أغوانا الشيطان."
قولوا: "لقد استجبنا له."
فالفرق بينكم وبيني ليس إلا قناعًا رقيقًا… قناع يسقط عند أول رغبة تُغريكم، عند أول ضعف يتسلل إلى عظامكم.

وصيتي الأخيرة ليست لعنةً، ولا خلاصًا، بل مرآة. انظروا فيها طويلًا… ستجدونني هناك، خلف أعينكم، أبتسم بمرارة.
وحين تلعنونني مرة أخرى، اسألوا أنفسكم:
هل تلعنونني أنا… أم تلعنون صورتكم في وجهي؟

أنا الشاهد الوحيد على حقيقتكم،
وأنا الميت الحيّ الذي لا يموت بقتلي.
فإن أردتم النجاة…
لا تبحثوا عني في الجحيم، بل ابحثوا عني حيث أنا دائمًا:
في قلوبكم.

الكاتب  إدريس أبورزق 

تعليقات