بقلم أحمد الشبيتى
في هذه الأيام نرى ونسمع ونشاهد ظاهرة غريبة انتشرت بين الناس، وهي أن مجرد قيام أحد الأشخاص بخدمة عابرة أو موقف إنساني أصبح كافيًا لأن يُرفع على الأعناق، وتُعلّق له البنرات، وتُكتب عنه الأوراق على الحوائط وكأننا أمام بطل قومي أو مرشح لا غنى عنه لمجلس النواب.
تجد من حضر فرحًا أو عزاءً، أو ساعد في حل مشكلة بين طرفين، أو أوصل شكوى إلى مسؤول، أو تدخّل ليُخرج متهمًا من قسم أو مركز، قد أصبح بين عشية وضحاها "رجل خدمات"، وبحسب منطق البعض لا بد أن يكون نائبًا عن الناس، وصوتًا لهم في البرلمان!
وهنا نقف ونسأل أنفسنا: ماذا حدث لنا؟
لماذا أصبحنا نبحث عن المظاهر ونرفع من لا يستحق؟
أين ذهب ميزان الحق، وأين ضاع معيار الأمانة والكفاءة؟
خدمة الناس عبادة وفضل من الله، هي رسالة خير يضعها الله بين يديك لتأخذ الأجر والثواب عليها. لكنها لم تكن يومًا سلّمًا للوصول إلى الكرسي، ولم تكن تذكرة عبور إلى السلطة. بل إن أخطر ما نراه اليوم هو أن البعض صار ينتظر الشكر والمدح من الناس أكثر مما ينتظر الجزاء من رب العباد، وصار الكرسي حلمًا والسلطة غاية، لا وسيلة لخدمة الوطن.
أيها الناس، أفيقوا من غيبوبة الهتافات والأحلام الزائفة، ليس كل من ساعد مظلومًا أو قدّم خدمة يُصبح مؤهلًا ليكون نائبًا عنكم، فالأمانة أثقل من أن يحملها من لا يملك علمًا أو وعيًا أو ضميرًا حيًا.
الخير موجود، والفرص لفعل المعروف لا تنتهي، لكنها عند الله هي أعظم، وعند البشر قد تكون خدعة مؤقتة أو طريقًا إلى تضليل.
فتذكروا دائمًا: خدمة الناس مسؤولية عظيمة، وأجرها عند الله أعظم من كل بنرٍ أو تصفيق أو مدح زائل.
تعليقات
إرسال تعليق