القائمة الرئيسية

الصفحات

محافظ المنيا.. يفتش في المكاتب وينسى الشوارع


عزيزه حسين أبوماجد 

ما حدث في إحدى مدارس المنيا لم يكن مجرد زيارة عادية من محافظ يتابع شؤون التعليم، بل مشهد يكشف عقلية إدارية مشغولة بالقشور، تتجاهل اللب وتترك القضايا الحقيقية خلف ظهرها.


المحافظ دخل مكتب مدير مدرسة ثانوية، فوجده واسعاً ونظيفاً، فانفجر غاضباً: "مكتب مدير المدرسة لازم يكون صغير.. مش تكية"، وكأن المساحة هي التي تعيق جودة التعليم، أو كأن ترتيب المكتب رفاهية لا تليق بالعاملين في الحقل التربوي!

المدير وقف صامتاً، بينما وكيل وزارة التربية والتعليم اكتفى بالمشاهدة، في موقف يعكس ضعفاً مخجلاً وعدم قدرة على الدفاع عن كرامة القيادات التعليمية أمام سلوك متدنٍّ من رأس السلطة التنفيذية في المحافظة.


لكن ما يثير الغضب حقاً أن هذه الحماسة المفرطة في محاسبة مكتب مدير مدرسة، تختفي تماماً حين يتعلق الأمر بمشكلات المنيا الحقيقية:


منظومة نظافة متدهورة وشوارع غارقة في القمامة.


طرق غير ممهدة تعكس غياب التخطيط والامتداد العمراني السليم.


شبكات صرف صحي تعاني الأعطال المزمنة.


أعمدة إنارة متهالكة أو مطفأة، تترك أحياء كاملة في الظلام.


أي منطق يجعل المحافظ يقف صارماً أمام حجم مكتب، بينما يتساهل أمام حجم الأزمات التي تمس حياة مئات الآلاف من المواطنين؟!

المحافظ ليس مفتش ديكور، بل مسؤول عن تحسين جودة حياة الناس، وإذا كان وقت سيادته يضيع في قياس مساحات المكاتب، فمتى يجد وقتاً لقياس حجم القصور في خدمات محافظته؟


إن أهل المنيا لا ينتظرون من محافظهم جولات استعراضية، ولا تعليقات ساخرة على مكاتب المدراء، بل ينتظرون طرقاً نظيفة، شوارع مضاءة، صرفاً صحياً سليماً، وإدارة تحترم كرامة المواطن والمعلم على حد سواء.

تعليقات